حمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى لجنة المال والموازنة مقترحات وأفكاراً جديدة عن خطة النهوض المالي التي أُقرت في مجلس الوزراء في 20 ايار 2022، مُرفقاً ذلك بإعلام للحاضرين أن كل يوم في عدم إقرار الخطة والتوقيع مع صندوق النقد يكلّفنا يومياً خسارة تقدر بـ 25 مليون دولار.
بعد الانتقادات التي رافقت إقرار الحكومة لخطة النهوض المالي، عاد الرئيس ميقاتي الى مجلس النواب امس حاملا في جعبته تعديلات على الخطة وصفها البعض «بالجوهرية» لعلّ ابرزها وفق معلومات لـ»الجمهورية» التعديل في طريقة توزيع الخسائر والتي يلحظ هذه المرة إشراك مصرف لبنان والدولة بالمسؤولية في تحمّل الخسائر، وهو ما يحمل اعترافا من الدولة انها ستتحمل جزءا من الخسائر ما ينعكس ارتياحا من الجهة الاخرى وتطمينا بأن لا شطب للودائع بالكامل.
كما تطرق اجتماع لجنة المال الى مصير صغار المودعين وكيفية معالجة الودائع الكبيرة، وجرى الحديث عن ان مصير كل وديعة سيختلف عن أخرى وذلك بالنظر الى مدى استفادتها في السابق من الهندسات المالية؟ اذا ما حولت الى الدولار بعد 17 تشرين؟ والودائع التي هرّب جزء منها الى الخارج...
ورحّب النائب ألان عون بالتعديلات التي ادخلها ميقاتي واصفا ايّاها بالعملية وقال لـ»الجمهورية»: الابرز في التعديلات ادخال الدولة كطرف بتحمّل المسؤولية وقدم للغاية اقتراحا بأن تعطي الدولة من فائض الموازنة لديها لتغذية صندوق استرداد الودائع، كذلك اقترح تحويل فائض ايرادات الغاز المرتقبة الى الصندوق، لافتاً الى انه لم يتطرق مطلقا الى الحديث عن المَس بأصول الدولة.
كذلك تطرق ميقاتي الى نقطة اساسية الا وهي ان ليست كل الودائع مؤهلة لأن تستفيد من ايرادات الصندوق، منها مثلاً الودائع التي استفادت من الفوائد العالية او الهندسات المالية فهذه غير مؤهلة (ولا نتحدث هنا عن اصل الوديعة) وشطب هؤلاء من مستحقات الصندوق يخفف من حجمه. واقترح ميقاتي وضع ثلث رساميل المصارف في الصندوق وتوزيعها اسهماً على الصندوق (بما يشبه bail in)، ووضع الـ 10 مليارات دولار التي هي عبارة عن شهادات ايداع للمصارف في مصرف لبنان في الصندوق على ان يدفع عليها فوائد لمصرف لبنان اي يعتبرها جزءاً من الصندوق. كما اقترح ميقاتي وضع كل الاموال المتأتية من فساد والتي ستتم استعادتها اضافة الى تلك التي تحولت الى سياسيين واصحاب مصارف الى الخارج بعد 17 تشرين في الصندوق لتغذيته.
وشدد عون على ضرورة اجراء حوكمة صحيحة للصندوق للحؤول دون ان يمسه الفساد والسرقة، كاشفا انه سيتم اعداد مشروع قانون خاص به لإنشائه مع الحَوكمة الخاصة به، انما المشكلة تكمن لدى الحديث عن فائض اولي فنحن نخشى من سرقة الاموال قبل تحقيق فائض، او من عدم تحقيق فائض على قدر التوقعات، لذا فإن مكافحة الفساد اولوية.
وعن رأيه بالمقترحات الجديدة التي قدمها ميقاتي يقول عون: نحن استمعنا الى رؤية وهذه تسجّل كإيجابية، أما ما يحتاج الى مزيد من التمعن والبحث والاقناع هو ما طالبنا به لجهة تقديم تقديرات الحكومة لايرادات الموازنة. وبالتالي، الفائض الاولي المتوقع للصندوق في السنوات المقبلة. صحيح انه ستتم تغذية الصندوق من خلال فائض الدولة لكن ما التقديرات المتوقعة؟
منيمنة
من جهته، أكد النائب ابراهيم منيمنة ان لا مستندات بين ايدينا عن المقترحات او التعديلات المطروحة على الخطة فهي مجرد افكار، وبالتالي ان التنصّل منها سهل، لافتاً الى ان ما تمّ طرحه اليوم يحتاج الى خطة واضحة ورؤية مستقبلية عن مداخيل الدولة واي قطاعات من المتوقع ان تؤمن ايرادات فائضة ليتم تحويلها الى صندوق استرداد الودائع المنوي انشاؤه، كما لم يعرف بعد كيف سيكون شكل هذا الصندوق ومن الجهة التي ستديره، واي مرافق ستكون مشاركة به الا ان الاكيد انه سيتم تحديد بعضها.
واستبعَد منيمنة ان يتسلم النواب اي خطة مكتوبة قريبا في ظل غياب الحكومة التي يجب عليها ان تصادق على التغييرات التي طرأت على الخطة، واوضح صحيح اننا معنيون بالشق التشريعي من الخطة انما يجب ان تصلنا كحزمة متكاملة بحيث لا يمكن اقرار الكابيتال كونترول من دون خطة متكاملة مع سلة تشريعات متزامنة.
وعن التعديلات التي طرأت على الخطة يقول منيمنة: لدينا علامات استفهام على صندوق استرداد الودائع فنحن بحاجة للاطلاع على الارقام المتوقعة واي مرافق سيشمل، وما يقلقنا في الموضوع هو التوجه للمس بموارد الدولة، في حين اننا نرى ان المصارف تقع الاولى في تراتبية المسؤوليات والملفت انه لم يتم التطرق الى هذا الموضوع إنما بإعادة هيكلتها ورسملتها مُتغافلين انّ جزءاً من المسؤولية يقع على اصحاب المصارف ومجالس الادارة. كما لم يتطرق رئيس الحكومة ابدا الى موضوع المحاسبة.
نحاس
ويضع الوزير السابق نقولا نحاس ما قدمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس امام لجنة المال والموازنة في اطار تطوير خطة التعافي التي لا تزال مدار بحث، موضحاً لـ«الجمهورية» ان الخطة مثلا لم تتحدث عن كيفية معالجة مصير المودعين بكل فئاتهم وما يحصل اليوم هو بداية تطوير للخطة لتوضيح كل ما كان مبهماً، مشدداً على انّ هذه الخطة ستظل في تطور دائم ربما كل اسبوعين او كل شهر وذلك يرتبط بتطور الاوضاع.
وأكد نحاس انه ليس صحيحا اننا نتحدث عن خطة جديدة انما تطوير لما تضمنته خطة الاطار. وشرح انه من ضمن هذه الخطة يجب توضيح كل بند تتضمنه على ان تترافق كل فكرة مطروحة مع مشروع قانون، او اصدار مرسوم، او قرارا او تطويرا، والجديد اليوم اننا بدأنا بالعمل على ذلك.
وإذ رفض نحاس الكشف عن كل التطورات التي لحظتها الخطة عازياً ذلك لأنه لم يتم الاتفاق عليها بعد مع صندوق النقد، اوضح انّ الرئيس ميقاتي اكتفى بطرح الافكار الرئيسية التي يتم التداول بها معه. وأكد ان نائب رئيس الحكومة سعاد الشامي في تَشاور مستمر منذ أكثر من اسبوعين مع صندوق النقد الذي هو على اطلاع على كل الافكار والتطورات المطروحة، لكن لم يتم التوصّل بعد الى اتفاق نهائي.
وردا على سؤال، أكد نحاس انه لا يمكننا التحدث بعد عن تطمينات في شأن مصير الودائع التي تتخطى الـ100 الف دولار لأننا لم نوقّع بعد على اتفاق نهائي مع صندوق النقد، موضحا انه بعد تطوير الخطة، (المرحلة التي نحن فيها اليوم)، وتتم تترجمتها بقانون (وهي الخطوة التالية)، عندها تصل الى مجلس النواب وهذا ما قصده الرئيس ميقاتي عندما قال انها ستصل الى المجلس النيابي اي انها ستصل على شكل قانون، مرجّحاً ان يكون ذلك في الوقت القريب جدا وفي أقل من شهر.