العلم في لبنان بخطر. جملة أقرب ما تكون إلى واقع مخيف نعيشه. فالانهيار لم يوفّر قطاعاً إلا وردّه سنوات إلى الوراء. ولكن أن نصبح بلداً من دون أساتذة وفاقدين لمستوى تعليمي يعكس صورة لبنان العلم والتفوّق والحضارة، فهذه كارثة ستردّنا عشرات السنين إلى الوراء وبعدها سيكون مستقبلنا أحلك من حاضرنا.
فهجرة المعلّمين أو مغادرتهم من مدارس إلى أخرى بحثاً عن فرص أفضل أو حتى تفضيلهم البقاء في منازلهم لأنّ رواتبهم "ما بتسوى شي"، أمر يجب ألا يمرّ مرور الكرام إذ بيد هؤلاء مستقبل الوطن. هنا يتساءل نقيب المعلّمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، عبر موقع mtv: "كيف يمكن أن تكون "التربية" بخير ما دام وضع البلد على ما هو عليه؟! وما يحصل اليوم هو أنّ الطاقات تختفي إمّا لأنّ المعلّمين ينتقلون من مدرسة عاديّة إلى مدرسة تؤمّن حقوقهم أو أنّهم يهاجرون بحثاً عن فرص أفضل. وبكلّ الأحوال مستوى التعليم يتراجع".
وعن الوضع يقول: "برأيي الوضع اليوم هو استمرار للوضع في السنتين الماضيتين ولكن بوتيرة أكبر لأنّ الأزمة صارت أكبر ولا حلول واضحة في الأفق". وتوقّع عبود أن "تخلو بعض المدارس من المعلمين وبالتالي من التلاميذ وأن يستقطب بعضها الآخر المعلّمين من خلال عرض قسم من الأجور بالدولار".
وبين مدارس ستخلو وأخرى ستستقطب، بعض المدارس سيكون لديها نقص في المعلّمين أيضاً. فـ"الحاجة اليوم إلى المعلّمين أكثر من العرض" يلفت الأخير، متخوّفاً من أن يفرّق ما يحصل بين ميسورين وذوي الدخل المحدود، فيفرز طبقة من تلاميذ في مدارس قادرة على تلبية كافة الحاجات بأقساط مرتفعة وطبقة أخرى من تلاميذ في مدارس الطاقات فيها محدودة.
وفي هذا الإطار يكشف عبود أنّ "معظم المراسلات من المدارس إلى الأهل تذهب في اتجاه زيادة الأجور إن كان بالليرة اللبنانية أو بالدولار وأنّه يحكى أيضاً عن حوافز ماليّة للمعلّمين ولكن النسب غير واضحة بعد. وبالتالي هناك اتجاه للدولرة رغم ألا غطاء قانونيًّا لها بعد"، معتبراً أنّه "يجب أن يكون هناك موقف واضح لوزارة التربية أو الوزير من هذا الموضوع، فإمّا أن يبرّر وأمّا أن يمنع".
ويُشير إلى أنّ كلّ اجتماعاته في الوزارة أو مع المعنيين والمسؤولين في المدارس هو لإيجاد حلّ خصوصاً أنّ الحديث يتركّز على أن يكون قسم من الرواتب أو الحوافز الإضافية بالدولار، قائلاً: "هذا ما أعمل عليه مع حرصنا على انعكاسه على الأقساط المدرسيّة".
ويختم: "الجميع يسلّم بأنّه يجب إعطاء المعلّمين زيادات أو حوافز خارج إطار القانون لأنّه لا يمكن التأمّل بتصحيح أجور اليوم".
التعليم ليس ترفاً ولا هو خياراً، إنّه حقّ.. بشرط ألا نخسره ولا نخسر معلّمينا.