يشهد عددّ من المناطق في الشمال تفشٍ لمرض جديد - قديم. ولكن بعد فيروس كورونا، والوضع الاقتصادي في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الإصابات ككابوس للبنانيّين وكأنّهم سقطوا في جهنّم صحيّة لا مخرج منه.
لا دواء، ولا لقاحات. أطباء هاجروا ومستشفيات على شفير الانهيار. وبعد كورونا ظهرت حالات الصفيرة أ. فهل من داعٍ للقلق؟ وهل تُعلن حال طوارئ؟
تُشير رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحّة، عاتكة بري، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونية، إلى أنّ "الصفيرة أ مرض مستوطن في لبنان، أي أنّه كان موجوداً دائماً، ويسجّل عدد من الحالات منه سنوياً. فمنذ حوالي الـ10 سنوات شهدنا الموجة نفسها، ولكن في منطقة الجنوب، واتّخذنا نفس الإجراءات التي نتخذها اليوم. والسبب الأساسي هو تردي البنى التحتية، ممّا يؤدي إلى خلط مياه الصرف الصحي بمياه الاستخدام".
أمّا عمّا نشهده شمالاً، فتقول برّي: "هذه المرّة التفشّي فاق العدد الذي يُسجّل كلّ عام في هذه الفترة تقريباً، وهذا الأمر استدعى القيام بتقصٍ وبائيٍ لمعرفة السبب، والثابت هو أنّه منذ حوالي الشهر اختلطت المياه بالصرف الصحي بسبب حفريات".
ما الوضع اليوم إذاً؟ وما الإجراءات التي تُتخذ؟
تُجيب بري: "لقد تمّت كلورة المياه، وتبيّن حتى الآن أنّ الفحوصات أصبحت سليمة. ولكن ما نخاف منه اليوم هو انتقال العدوى من شخصٍ إلى آخر، لا سيّما ضمن العائلة الواحدة. لكن بدأنا نشهد انخفاضاً بعدد الحالات عن الأيام السابقة، إلّا أنّه لا يزال من المبكر القول إنّه انخفاض فعلي، ولكنّنا سنستمرّ بمتابعة الحالات، وبناءً عليه يقيّم الوضع إن كان على حاله أو إلى تحسّن". وتُضيف بشأن الإجراءات: "نتّخذ عدداً من الإجراءات بالتعاون مع السلطات الصحية في المنطقة، والقائمقام، والبلديات، ووزارة الأشغال، ونتعاون كي نقوم بواجباتنا"، معدّدة إيّاها: الإجراء الأوّل، والأهم، هو توفير بنى تحتيّة سليمة تضمن وصول مياه استخدام آمنة للمواطنين، وتخلّصٍ آمن من الصرف الصحي. الإجراء الثاني هو التوعية الصحيّة للمواطنين كي لا تنتشر العدوى بشكل أكبر بين المخالطين. أمّا الإجراء الثالث فهو الحصول على اللقاح إذا أمكن".
وهنا تكمن إحدى العوائق، فاللقاحات غير متوفّرة. "هذا الموضوع يحتاج لدراسة وتعاون، لا سيّما مع المنظمات الدولية خصوصاً أنّ هذا اللقاح لا يعتبر من ضمن الروزنامة الوطنية للتلقيح" تقول الأخيرة، وتتابع: "لا قرار حتى الآن بشراء اللقاحات، وهو يُتّخذ على صعيد توافقي بيننا وبين المنظمات الداعمة لشرائه".
إذاً، هذه هي الحال والإجراءات المتخذة. فهل من داعٍ لإعلان حال طوارئ؟
تعتبر بري أنّه، "في ظلّ الوضع الحالي لا داعٍ لإعلان حال الطوارئ، فهو مرض مستوطن والتفشي الذي شهدناه أصبح سببه معروفاً، والوزارة تتابع الوضع الصحّي للمناطق المصابة بالتعاون مع السلطات المحلية".
مرضٌ يصيب الكبار والصغار، ومضاعفاته أكثر على الأكبر سناً. الوضع سيّء في بلدنا المنهار، خصوصاً على الصعيد الصحّي، فحذارِ المرض. وتبقى الإجراءات الاحترازية والوقاية دائماً خير علاج.