مبادرة لدعم أعمال المنتجين السينمائيين اللبنانيين

16 حزيران 2022 07:47:24

تنفس المنتجون السينمائيون في لبنان الصعداء، بفعل مبادرة تدعم أعمالهم وتحمل شقين توجيهي وتمويلي، تقف وراءها مؤسسة «سينما لبنان» والاتحاد الأوروبي.

فإثر دعوة مفتوحة للمنتجين اللبنانيين العاملين في مجال صناعة الأفلام السينمائية، جرى اختيار 5 بينهم، تطالهم هذه المبادرة وتسهل مهامهم.

تعمل مؤسسة «سينما لبنان» ورئيستها مايا دو فريج، منذ عام 2003 على دعم صناعة السينما اللبنانية والارتقاء بها إلى مستوى دولي، وتهدف إلى الحفاظ على القدرات المبدعة للسينمائيين اللبنانيين الموهوبين. وهي تجتهد لإيجاد سبل تنمي رغبتهم في مواصلة الإبداع وتوفير الإمكانات لهم لتحقيق ذلك، بهدف إنعاش صناعة السينما. وترى دي فريج أنه من الضروري اليوم، وأكثر من أي وقت مضى في ظل الأزمة غير المسبوقة التي يشهدها لبنان، إعادة إطلاق اقتصاد إبداعي جديد لتمهيد الطريق أمام هذه الصناعة الاستراتيجية وتشجيعها، كونها أحد المقومات الرئيسية التي تمكّن لبنان من أن يكون حاضراً بالصورة اللازمة في الحلقات التجارية والمالية للعولمة.

وتوفر المبادرة الممولة من الاتحاد الأوروبي، برنامجاً تدريبياً وتوجيهياً مجانياً، بالتعاون مع كل من المدرسة العليا للأعمال «ESA Business School» و«Smart ESA». المنتجون سينمائيون وإعلاميون أنتجوا أفلاماً أو أعمالاً سمعية بصرية أخرى، ويرغبون في تطوير مهاراتهم في ريادة الأعمال بغية توفير ظروف النجاح لمشاريعهم.

وتتحدث ميريام ساسين المشرفة على برنامج المبادرة لـ«الشرق الأوسط»، عن مدى تأثر صناعة السينما عالمياً بجائحة كورونا. وتؤكد أن لبنان عانى أكثر من غيره بسبب الوباء، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي يعيشها. وتتابع: «كان لبنان قد بدأ يتلمس طريقه الزاهر في الإنتاج السينمائي عندما واجهته هذه المصاعب، فتوقف كل شيء بين ليلة وضحاها، وتجمدت تبرعات صناديق الدعم، وأصيب حماس الأفراد بالشلل التام. كل ذلك أثر على صناعة السينما في لبنان وأدى إلى تراجعها».

المنتجون السينمائيون الخمسة الذين اختارتهم المبادرة لدعمهم هم: روزي الحاج عن مشروع فيلم روائي «الطريق إلى دمشق» للمخرج ميدو طه؛ وكريستيل يونس منتجة فيلم «عَ أمل تجي» عن مشروع فيلمها الروائي «The Sad Life of Happy Pig» للمخرجة كريستي وهيبي؛ وكذلك غابي زرازير عن مشروع فيلم روائي «The Fifteen» الذي ينوي إخراجه مع شقيقه ميشال زرازير. تضم المبادرة تحت سقفها أيضاً سيمون سويد عن مشروع فيلم وثائقي طويل ينوي إنتاجه وإخراجه «Sursock، an Everlasting Heritage»، ونيقولا خباز عن مشروع الفيلم الطويل الروائي الأول لمانون نمّور «Don’t Worry I’m not Okay». ويستمر البرنامج التوجيهي والتدريبي لأربعة أشهر، إذ يبدأ في يونيو (حزيران) الحالي ويختتم في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ويتولى توجيه المشاركين عدد من المتخصصين، من أبرزهم المنتجة الفرنسية غابرييل دومون من شركة «Le Bureau Films»، ووكيل المبيعات الفرنسي هادي زردي «Lux Box»، والمحامية المتخصصة بقضايا الترفيه كريستيل سالم، إلى جانب مدربين من المدرسة العليا للأعمال. ويرى نيقولا خباز أن من شأن هذه المبادرة أن تعلم المشاركين كيفية ردم الهوة الكبيرة الموجودة بين الأعمال الإبداعية وتلك التجارية. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سيساعدنا هذا البرنامج على صناعة أفلام سينمائية فنية على المستوى المطلوب، وفي الوقت نفسه يتيح لنا التعرف على قواعد تجارية تسمح لهذه الأفلام أن تمول ذاتها من الربح المادي الذي تحققه».

وعن كيفية اختيار الأفلام تقول ساسين: «كان هناك لجنة خاصة اهتمت في هذا الموضوع، وأجرت مقابلات مع 15 منتجاً من الذين لبوا دعوتنا للمشاركة».

وعن الصعوبات التي واجهتها صناعة السينما في لبنان تقول ساسين: «إن الأزمة طالت العالم بأكمله، ولكننا في لبنان، مع تقاعس الدولة أو عدم وجود قوانين وصندوق دعم لرعاية هذا القطاع، استفحل الوضع سوءاً وأدى إلى تراجعه».

هذه الجهات التي ذكرتها ميريام ساسين لو كانت متوفرة على الأرض، لكانت أسهمت في تأمين نسبة من ميزانية إنتاج الأفلام، تتراوح ما بين 10 و30 في المائة، كما كانت سهلت الحصول على أذونات للتصوير في أماكن معينة يحتاجها سياق العمل. «لكننا في غياب أي جهة ترعى هذا القطاع، كان اتكالنا يقتصر على العمل الفردي، وهو ما يصعب الأمور أكثر. كما أن إقفال صالات السينما خلال الجائحة كبد المنتجين خسائر مالية كبيرة لم يستطيعوا تعويضها». ومن بين الأفلام التي اختيرت، روائية طويلة ووثائقية وأخرى قصيرة.

توضح ساسين في سياق حديثها: «هناك أفلام توقف العمل فيها بسبب تجميد أموال منتجها في المصارف أو خسارة قيمتها الحقيقية تجاه الليرة اللبنانية. فصناعة الفيلم السينمائي تحتاج لسنتين أو أكثر لتحضيرها وتصويرها وتنفيذها. أما المشكلة الثانية التي واجهها هذا القطاع فهي هجرة مواهبه من منتجين ومخرجين وعاملين في قطاع التصوير والصوت والإضاءة والأزياء وغيرها».

ويحصل المشاركون الخمسة في ختام البرنامج التوجيهي على شهادة من«Smart ESA» و«مؤسسة سينما لبنان»؛ وسينال أحد المنتجين المشاركين جائزة قدرها خمسة آلاف يورو، مخصصة لتطوير المشروع الذي يحمله. كذلك تتاح للمشاركين الإفادة من عشر ساعات من الاستشارات الفردية.

أما الشق الثاني من مبادرة «مؤسسة سينما لبنان» فهو إطلاق صندوق لمرة واحدة استثنائية لدعم مشاريع الأفلام الطويلة اللبنانية، ممول من الاتحاد الأوروبي أيضاً، تبلغ قيمته الإجمالية 75 ألف يورو، ويهدف إلى توفير جزء من التمويل لأفلام تحتاج إلى دعم لاستكمال تنفيذها. يفتح باب تقديم الطلبات اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني)، للأفلام الروائية والوثائقية التي بلغت مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج. وتتولى لجنة مستقلة اختيار المشاريع التي ستستفيد من الدعم، على أن يُعلن عن مزيد من المعلومات حول هذا الصندوق في نوفمبر المقبل.

ومعروف أن تكلفة صناعة الفيلم تأتي وفقاً لنوعيته وقصته، وما يحتاجه من ديكورات ونجوم وما إلى هنالك من عناصر تسهم في إنجازه حسب رغبة منتجه. فالوثائقي الطويل تتمحور تكلفته بين 60 و250 ألف دولار، والروائي من 200 ألف وصولاً إلى ما فوق المليون دولار. وتشير ساسين إلى أن هذه المبادرة قد تتكرر في المستقبل، ولكن الأهم اليوم أن يقلع قطاع الإنتاج السينمائي من جديد.

وترى روزي الحاج المشاركة في البرنامج، أن هذه الفرصة ستتيح لها كما زملائها الاطلاع على الشق التسويقي المتعلق بعالم الـ«بزنيس». وتضيف: «نملك نحن المنتجين عادة، فكرة وافية عن الشق الفني للفيلم، ولكن مع هذه الصفوف التدريبية التي سنتابعها، نصبح ملمين بعالم الـ(بزنيس) مما سيفتح أمامنا آفاقاً أوسع».

وترى كريستيل يونس، أن من شأن هذه التدريبات التي سيخضعون لها لمدة 4 أشهر، أن تسهم في تبادل الخبرات بين المجموعة المختارة. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «سعيدة لأني سأتعلم مادة جديدة تتعلق بعالم الـ«بزنيس»، الذي لم أتعلمه من قبل في الجامعة. كما أن وجودنا كمجموعة من 5 أشخاص تتيح لنا تحديد مشاكلنا والتشاور فيها من أجل إيجاد حلول».