Advertise here

من يهدد تفاهمات العام 2008

06 أيار 2019 20:56:52

إذا كانت الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يعاني منها لبنان قد استقطبت أغلبية الاهتمام السياسي، إلا أن الخلاف الذي ظهر على الساحة بقوة بين حزب الله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فرض نفسه حدثا هاما، وتفاعلاته تنذر بانعكاسات كبيرة على مجمل المشهد اللبناني والإقليمي، حيث ان مواضيع الخلاف لها طابع إستراتيجي، وجنبلاط الذي تحدث جهارا عن بعض الملفات الحساسة ـ بما فيها الطلب من سورية توقيع الخرائط التي تؤكد لبنانية مزارع شبعا ـ ليس هو الوحيد الذي يتبنى هذه الرؤى، بل إن الأغلبية الساحقة من القوى السياسية اللبنانية تحمل ذات التشخيص، ولكنها تراعي هشاشة الأوضاع الداخلية، حرصا منها على الاستقرار.

تقول أوساط سياسية على إطلاع واسع بما يجري: إن مواقف جنبلاط الأخيرة من ملف مزارع شبعا، ومن أحداث سورية، وما جرى من تبادل لبعض رفاة قتلى إسرائيليين ومن ثم إطلاق سراح اثنين من المعتقلين، «تبين أنهم ليسوا من المقاومين» وما قاله جنبلاط عن ملفات داخلية لبنانية، وفي مقدمتها موضوع الترخيص لمعمل إنتاج إسمنت على تلال عينداره، وهي كما تقول الأوساط: منطقة باردة جدا ومثلجة في الشتاء وبالتالي يتوقف فيها العمل مدة 3 أشهر في السنة، وهذه التلال تقع وسط محمية أرز الشوف الطبيعية، والإصرار على إنشاء المعمل في تلك المنطقة يشكل استفزازا كبيرا لأهالي الجبل، ويثير علامات استفهام عديدة، بينما لدى حزب الله مساحات شاسعة في مناطق نفوذه، وهي أقرب لسورية، يمكن إنشاء معمل عليها.

ووفق هذه الأوساط ـ شعر جنبلاط وغيره أن الحزب تجاوز حدود المراعاة الوطنية المتبادلة التي تم الالتزام بها بعد أحداث مايو 2008، وأساسها مبادئ إعلان بعبدا ومن ثم النأي بالنفس.

وتقول هذه الأوساط: إن الحزب يستقوي على الآخرين، ويعتبر نفسه الوحيد الذي يمتلك الحق برسم الخطط الإستراتيجية، بينما على الآخرين المشاركة في اللعبة السياسية الداخلية العادية فقط، من دون أن يكون لهم حق المشاركة في بحث القضايا الكبرى.

وتتابع الأوساط السياسية ذاتها: ومن المآخذ الكثيرة على الحزب، أنه يتدخل بشكل واسع في شؤون كل المناطق والطوائف، بينما لا يسمح لأحد بالتدخل في مناطقه، ويتهمه معارضوه، بأنه يتحمل المسؤولية الكبرى عن الأزمة المالية، لأنه يهاجم أصدقاء لبنان العرب وغير العرب القادرين على مساعدته، وتقع عليه مسؤولية كبيرة عن الانفلات على الحدود مع سورية، والذي يؤدي الى خسارة أكثر من 900 مليار ليرة لبنانية من العائدات الجمركية.