على رغم انهماكها بالإنتخابات التشريعية التي تمتد حتى منتصف حزيران المقبل، بعدما طوت صفحة الإستحقاق الرئاسي، ومع أن تداعيات الأزمة الأوكرانية أصابتها بقوة، إلا أن باريس التي لطالما وقفت الى جانب لبنان، تأبى أن تتركه، وتكاد تكون لولب الحركة الدولية الداعمة له التي تمنع سقوطه على رغم الإنهيار الشامل الذي اصابه على المستويات كافة، وتواصل إتصالاتها مع العرب والخليجيين من جهة ومع واشنطن على الضفة الأخرى بتنسيق دائم مع الكرسي الرسولي وبتوجيهاته في معظم الأحيان.
ضمن الإطار هذا، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد ترتيب بعض ملفاته الداخلية الداهمة لزيارة بيروت مجدداً، وقد أبلغ، منذ مدة، أحد كبار معاونيه في خلية الأزمة الخاصة بلبنان التي تم تشكيلها في الإليزيه، بحسب معلومات "المركزية" أنّه ينوي زيارة بيروت فوراً بعد انتهاء الإنتخابات النيابية الفرنسية في 19 حزيران، وبعد أن يجري تشكيلات وتعديلات على فريقه في الشؤون الدولية. وطلب الرئيس الفرنسي من خلية ازمة لبنان اعداد العدة للزيارة التي يريدها حاسمة لجهة منع انهيار لبنان وقطع الطريق على احتمال حصول فراغ في سدة الرئاسة الاولى على غرار سيناريو العامين ونصف قبل انتخاب الرئيس ميشال عون.
ولا يقتصر إهتمام سيد الإليزيه بحسب المعلومات على الملف الرئاسي بل يتعداه إلى سائر الملفات والإستحقاقات، سيما بعدما انجزت الإنتخابات النيابية وأفرزت أكثرية جديدة ستنتخب غدا رئيسا للمجلس النيابي ونائبا للرئيس، يفترض ان يلبي تطلعات السياديين والتغييريين، لا قرار المنظومة الحاكمة التي تحولت الى اقلية. وتضيف ان ماكرون سيعقد في بيروت لقاءات مع كبار المسؤولين والقادة السياسيين وقوى التغيير البرلمانية لاستشراف تطلعاتهم وتوجهاتهم للمرحلة، كما يراقب مسار تشكيل الحكومة المفترض ان ينطلق بعد اكتمال العقد النيابي ومطبخه التشريعي غدا، بحيث ينصح بتشكيل حكومة توائم دقة المرحلة وخطورتها، قادرة على اتخاذ قرارات جريئة والتفاوض مع صندوقالنقد الدولي لتقديم الدعم الضروري للإنقاذ، ووضع خطة التعافي قيد التنفيذ واستعجال معالجة ملف الكهرباء الذي استنزف مالية الدولة في ظل الأزمة الخانقة المتفلتة من أية ضوابط واحتمال انفجارها في اية لحظة، علماً أنّ وزير الطاقة وليد فياض أعلن أنّه على تواصل مع شركة كهرباء فرنسا لاستعجال وضع دفتر شروط لبدء المناقصة للشركات التي تريد الاستثمار في قطاع الكهرباء.
تبعا لذلك، تعوّل أوساط دبلوماسية على زيارة ماكرون للاسهام في تسريع مسار تشكيل الحكومة، خشية بلوغ لحظة الاستحقاق الرئاسي في ظل حكومة تصريف أعمال وتكليف من دون تأليف ما يسرّع وتيرة الانهيار والانفجار، فتبلغ البلاد آنذاك نقطة اللاعودة وينتهي لبنان الذي نعرف.