لطالما اصطدمت الحلول لأزمة الكهرباء بالحائط السياسي المسدود المبني بباطون الخلافات والمحاصصات المسلح... ولكن أيضًا تلك الحلول "البسيطة" التي توفر ما لا يزيد عن ثلاث ساعات من التغذية يوميًا تعرقل نتيجة لسوء الإدارة.
ومعلوم في هذا المجال أنه لم يبقَ للبنان من أجل توليد الكهرباء إلا من خلال العقد من دولة إلى دولة الموقع مع العراق الذي يوفر للبنان ما يعادل حوالى 40 ألف طن من المازوت شهرياً.
تجدر الإشارة الى أن العراق يزود لبنان بمادة زيت الوقود الثقيل، غير صالح للاستعمال مباشرة في معامل الطاقة اللبنانية، ولذلك لجأ لبنان الى التزود بنوع آخر من الوقود من مزودين آخرين عبر عقود السواب swap من خلال مناقصة تفوز بها إحدى الشركات التي تأخذ النفط العراقي لتزود لبنان في المقابل بالمازوت الصالح للمعامل فيه.
وفي بداية تنفيذ العقد مع العراق، فازت شركة "اينوك" التابعة للامارات بالمناقصة لتنفيذ عقد السواب وكان أيضًا من دولة الى دولة. ولكن وفق مصادر وزارة الطاقة، فإنّ الأمر لم يدم، فقد فازت في إحدى المناقصات شركة "كورال - اذربيجان".
وكشفت المصادر أن المشاكل بدأت بالظهور، فالشركة الأذربيجانية التي كان يفترض أن تسلم شحنة الى لبنان تأخرت، ولن تصل الشحنة قبل يومين من تاريخ اليوم، وليس معروفًا ما اذا كانت المدة ستطول أكثر.
وفي هذا الإطار، صدر عن مؤسسة "كهرباء لبنان" بيان أشارت في إلى أنّ "خزين مادة الغاز أويل سينفد كليًا في معمل دير عمار، المعمل الحراري الوحيد المتبقي على الشبكة ممّا سيؤدي إلى وضعه قسريًا خارج الخدمة صباح يوم غد، وبالتالي لا يتبقى على الشبكة سوى إنتاج المعامل المائية الذي لا يتعدى 100 ميغاواط، وحيث أنّه كان من المرتقب أن تصل يوم الجمعة الواقع فيه 20/05/2022 الناقلة البحرية "SEALION I"، المحملة مادة الغاز أويل إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وإنّما بحسب آخر المعطيات الواردة من قبل جانب وزارة الطاقة والمياه - المديرية العامة للنفط، فإنّ الناقلة البحرية المعنية سيتأخر موعد وصولها حتى تاريخ 25/05/2022".
وهنا تساءلت تلك المصادر، لماذا لم يحدد البيان السبب الأساسي للتأخير، خصوصاً وأن توقف المعمل الحراري الوحيد المتبقي على الشبكة سينعكس سلباً على حياة الناس، ووضع المستشفيات وما سوى ذلك من مرافق حيوية وقطاعات غذائية.
وقالت المصادر: "التأخير يطرح العديد من التساؤلات، لا سيما ان هذه الشركة اذربيجانية ومقرها في روسيا ما يعني انه في ضوء الحرب السائدة يمكن لهذه الشركة ان "تختفي عن الوجود" في أي لحظة! ما يعني ان لبنان وضع كل قدراته في مجال الطاقة بيد شركة واحدة، وهذا ما يضع لبنان - الرازح أساسا تحت العتمة في وضع خطر".
وسألت: "لماذا لا يعود لبنان الى عقود "من دولة الى دولة" لاستبدال النفط العراقي؟".
وختمت المصادر محذّرة من الاستمرار بالإدارة السيئة لقطاع الكهرباء التي أوصلت لبنان الى هذا الواقع المزري.