Advertise here

"تجميل" الهزيمة السياسيّة لا يلغيها!

21 أيار 2022 08:29:38 - آخر تحديث: 21 أيار 2022 12:42:28

مهما حاول محور الممانعة "تجميل" هزيمته السياسيّة المدويّة في الدوائر الانتخابيّة المختلفة وتغليفها بأرقام ومؤشرات للإيحاء بأن الارادة الشعبيّة لا يترجمها القانون الحالي (على الرغم من موافقتها عليه منذ الدورة السابقة)؛ إلا أن ذلك لا يلغي أن ثمّة تحولات كبيرة شهدتها الساحة السياسيّة الداخليّة جرّاء نتائج هذه الانتخابات.

أن يتداعى حلفاء سوريا الواحد تلو الآخر، سواءً أولئك الذين التقطوا الصور التذكاريّة في مقر السفارة السوريّة منذ أسابيع أم سواهم؛ فإن في ذلك ما يعكس مزاجاً واضحاً لدى الرأي العام اللبناني عموماً من أن مسألة السيادة وإستعادتها من خاطفيها هي مسألة جوهريّة وليست تفصيليّة أو تبسيطيّة، وأن حقبة الانبطاح أمام الوصاية وتعويم أزلامها لا بد وأن تدخل مرحلة الأفول.

لعل في هذه المقاربة بعض ما يفسّر تقدّم أحزاب سياديّة أخرى إستطاعت أن تسلط الضوء على مخاطر تمدّد محور الممانعة في كل الاتجاهات، وعلى ما يعنيه فوز ذاك المحور بأكثريّة موصوفة على مستقبل لبنان ودوره ورسالته. لذلك، يبدو تشكل الخريطة النيابيّة الجديدة وفق هذه المقاربة ضرورة ملحة يمكن من خلالها النفاذ نحو تحقيق متغيّرات جديّة في البلاد والانطلاق في حقبة جديدة يكون عنوانها الأساس بناء الدولة المنتظرة منذ سنوات طويلة.

ليست المسألة مسألة أرقام كما سعى الأمين العام لـ "حزب الله" الى أن يصوّرها، وكما فعل مثله رئيس "التيّار الوطني الحر". المسألة مرتبطة جوهريّاً بالمناخ العام الذي ولّدته هذه الانتخابات النيابيّة على مستوى إعادة تشكيل السلطة وتركيبها وفق موازين قوى جديدة.

وإذا كان التغيير الفوري والجذري لا يزال مستبعداً نتيجة إنغماس قوى الممانعة في الإمساك بمفاصل الدولة والقرار السياسي فيها ومصادرتها قرار الحرب والسلم، وأيضاً نتيجة إختلال موازين القوى الإقليميّة وإنعكاسه على لبنان؛ الا أن هذا لا يعني أن ما حدث لا يمكن أن يشكل بداية ما من مكان ما.

البداية تكون بخروج القوى الثوريّة من العنوان الفضفاض والمطاط الذي ملأت به الشاشات وساوت من خلاله كل المكونات السياسيّة من دون تفرقة أو تمييز وفي ذلك الكثير من الإفتئات والتعمية. والبداية تكون من خلال إعادة إنتظام القوى السياديّة، التقليديّة منها والثوريّة، في توجه موحد تستطيع من خلاله العمل تدريجيّاً على الحد من الخلل في موازين القوى المحليّة وإعادة الإعتبار الى الدستور والقانون والمؤسسات.

البداية تكون من خلال التعاون الحثيث للخروج من منطق التعطيل وذلك عبر إتاحة المجال أمام تطبيق جدي وغير إنتقائي للقانون وعبر خرق الأعراف التي كرّستها بعض القوى كالميثاقيّة وغيرها من العناوين الفارغة التي لم تكن ترمي سوى إلى إعلاء مصالح فئويّة لأطراف بعينها على حساب المصلحة الوطنيّة العليا.

أمام لبنان إستحقاقات داهمة سياسيّاً وإقتصاديّاً وإجتماعيّاً. إنه عام إعادة تكوين السلطة بكل مستوياتها، وعام وقف الانهيار إذا توافرت الإرادة السياسيّة وتم تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وتبقى العبرة في التنفيذ.