انتصر لبنان الخط السيادي، لبنان الانفتاح ولبنان العربي الهوية. هذا ما جاءت نتائج الانتخابات النيابية لتؤكده وتجزم بأن ارادة اللبنانيين عصية على خطفها الى أي محور.
وبعدما خاض الحزب التقدمي الاشتراكي الى جانب عدد كبير من القوى السيادية معركة هوية لبنان، جاء فوزه بتسع مقاعد في المجلس النيابي الجديد ليؤكد النجاح في المعركة السياسية التي خاضها، وبتأكيده أن التحدي الاصلاحي هو أساس كما الموضوع المعيشي والاجتماعي للمرحلة المقبلة.
الانتخابات ثبتت خيارات الناس والتفافها حول ما يمثله الحزب ورئيسه وليد جنبلاط، وموقفها الذي جاء ليشكل الحصانة الأولى والاخيرة لدور الحزب رغم كل محاولات التطويق والالغاء والحصار. فالنتائج جاءت لتصدّ معركة الاغتيال السياسي والمخطط الذي كان قائماً.
وتبقى المعركة الوطنية هي الأهم، ونتائج الانتخابات أعادت للمختارة دور معدل ميزان القوى في البلد، والذي ما كان يوما الا لخير لبنان ومستقبله، ولا يصب الا في مصلحة الاستقرار والسلم الأهلي وحفظ التوازنات.
وبعد الفوز الكبير الذي حققه التقدمي، علق رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط بالقول: "الوفاء للناس أقلّ الواجب، لقد كان صوتكم عالياً جداً. أنحني شكراً لأهل الجبل، لأصحاب الفضل المعروفيين، لأصحاب الانتماء للأرض والهوية والوجود والعروبة، ولكل الوطنيين الأحرار على مساحة الوطن. غداً نُكمل العمل معكم في ورشة صعبة لكي نستعيد لبنان ونستعيد كرامة العيش. فإلى العمل...".
وفي قراءة سياسية لنتائج هذه الانتخابات، أشار الباحث السياسي الياس الزغبي في حديث لجريدة "الانباء" الالكترونية الى ان بعض المفاجات التي حصلت في الانتخابات حملت رسائل قوية من شأنها ان ترسم خريطة طريق لمستقبل لبنان، مضيفا "الأولى ان حزب الله خسر الغطاء المسيحي الذي كان يؤمنه له العهد وتياره، الرسالة الثانية التي وجهها الجبل بزعامة وليد جنبلاط لجهة افشال أي مخطط لاختراقه سواء عسكرياً وأمنياً كما في أيار 2008 او سياسياً وانتخابياً كما في أيار 2022، أما الرسالة الثالثة فهي داخل البيئة السنية التي ورغم الدعوات المتراكمة للمقاطعة أفرزت هذه الانتخابات وجوها وقيادات ذات حضور سيادي كما في طرابلس وبيروت وحتى في صيدا ومناطق أخرى".
وتابع "هذه الرسائل الثلاث تحمّل الأفرقاء الفائزين مسؤولية التنسيق العميق سواء شكلوا نصف مجلس النواب أو أقل بقليل أو أكثر بقليل حملتهم مسؤولية التعاطي الفعلي تحت العنوان الساسي اولا والاصلاحي ثانيا كي تواجه هذا المشروع التطوري لان مخطط جر لبنان الى محور الممانعة بقيادة ايران بما لا يشبهه لا في التاريخ ولا الديمغرافيا ولا في الحضارة والثقافة ولا بانتمائه الاصيل الى محيطه العربي والمجتمع الدولي، فان مسؤولية القوى السيادية على تنوعها وربما على بعض التنافر في ما بينها عليها ان تتحمل مسؤولية استعادة الدولة واستعادة قرارها الشرعي في الاستحقاقات المقبلة من استحاق انتخاب رئيس مجلس النواب واستحقاق تشكيل حكومة وصولا الى انتخاب رئيس الجمهورية. وهذه القوى السيادية مخولة للنجاح في مهمتها الجديدة خلافا للفرصتين التي تم تفويتها في الفترة السابقة".
وفيما سجّل اليوم الانتخابي العديد من الخروقات، رأى عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزف اسحق رأى في حديث مع "الانباء" الالكترونية ان الانطباع الأولي الذي أظهرته الانتخابات النيابية تمثل في هذا التفاوت الكبير لحضور الدولة لناحية تكثيف تواجدها في المناطق الحرة والسيادية وغيابها الكلي في مناطق حزب الله ما يسمح لمناصري هذا الحزب باستخدام شتى انواع الاعتداءات والبلطجة واهانة الناس وتهديدهم بالسلاح وغير السلاح للتأثير على قرارهم الحر، مضيفا "الناس قالت كلمتها بصناديق الاقتراع وعلينا ان نحترم ارادة الناس".
انتهى 15 أيار وبدأت مرحلة جديدة تحدياتها كبيرة جدا ومصيرية، والعمل يجب أن يبدأ عاجلاً لانقاذ ما تبقى من البلد اليوم قبل الغد، واعادة انتظام المؤسسات الدستورية، علّ هذا الاستحقاق يكون محطة فاصلة نحو لبنان الجديد.