أطلّ رئيس الجمهورية ميشال عون على اللبنانيين، مساء السبت، خارقاً الصمت الانتخابي بشكل فاضح وغير مسبوق. خرقه للصمت لم يأت من حيث الشكل، هذا لو كان فعلاً رئيساً حادياً ولجميع اللبنانيين، أو كما يحلو له أن يسمي نفسه بـ"بي الكل"، إنما خرقه للصمت جاء بمضمون خطابه الهجومي والتشويهي.

لقد كرّس عون نفسه في هذه الاطلالة الرجل النظيف العفيف الوحيد في الجمهورية، متناسياً أنه بات رئيس تيار سياسي ليس الا، وبأحسن الأحوال رئيس فريق سياسي عاث فساداً وخراباً في هذا البلد حتى وصل الى قعر "جهنم" الذي سبق بشّر اللبنانيين به.

بدأ خطابه محذرا الشباب ممن يريدون تيئيسه ودفعه للهجرة، وهو مَن كان اول من قال للناس "اللي مش عاجبوا يهاجر".

كيف يمكن لرئيس جمهورية قسم على الدستور أن يدعو الجميع للالتزام بالصمت الانتخابي ليعود هو ويخرقه برسالة ظاهرها ارشادي توجيهي، وباطنها تحريض على جهة دون سواها، كما وكأنه ليس داعماً لفريق سياسي ولهذا الفريق لوائح انتخابية في كل الدوائر، في استغلال واضح لموقع رئاسة الجمهورية من أجل تحريض الناس.

فعلاً بات ميشال عون يشكل حالة انفصام سياسي ونكران غير مسبوق بتاريخ الجمهورية، ينكر كل موبقات فريقه ويلصق التهم نفسها بالآخرين، فيما جميع اللبنانيين قد فضحوا زيف رسائله وخطاباته منذ حراك 17 تشرين ومنذ انفجار 4 آب وغيرها الكثير من المناسبات التي وعد فيها بالكثير ولم يقدم شيئاً لا على مستوى انقاذ البلد من الانهيار ولا على مستوى الحقيقة في جريمة العصر.

جاء متأخراً خطابك فخامة الرئيس، فالناس قد اتخذت خياراتها وما عاد كل هذا الكذب والرياء ينطلي عليها، وإن غداً لناظره قريب، وما هي الا ساعات ويقول اللبنانيون كلمتهم لك ولمَن بعت قرار البلد وسيادته واقتصاده لصالح منظومته الجديدة التي حلّت مكان الدولة وتمعن فيها تكسيراً.