Advertise here

رسائل جنبلاط الخطابيّة... والعناوين السياسية المقبلة

11 أيار 2022 11:16:40

ترتسم خريطة طريق سياسية منبثقة من كلمات خطاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في السمقانية بمناسبة اليوبيل الخمسين لمؤسسة العرفان. وتنطلق أولى الوجهات من عناوين تمهيدية تضمّنت ثلاث رسائل أساسية تصبّ جميعها في محطّة التأكيد على عمق لبنان العربي. ويتوقّف مواكبون اشتراكيون بتمعّن عند صورة الحضور المهم بدلالاته وتوقيته للسفراء العرب في المهرجان، تزامناً مع مناسبة أكدت الانتماء العربي لأهل الجبل والعلاقة التاريخية مع دول الخليج على صعيد الحزب التقدمي وسط احتفال مركزيّ عكس رسوخ علاقة جنبلاط الوطيدة بدول العمق العربي نفسه. وقد صاغ جنبلاط أولى الرسائل الخطاببة متوجّهاً بها إلى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط انطلاقاً من نداء "سر يا تيمور في عمليّةِ التحدّي في إعلاءِ شأنِ المختارة"، الذي كان له أن شكّل دعوة منبثقة من التراث العربي الذي طبع مسيرة وجهة المختارة السياسية على مدى قرون من الحقبات التاريخية، في رسالة واضحة متزامنة في التوقيت مع تثبيت المسار الذي كان رسمه تيمور جنبلاط انطلاقاً من الأشهر الماضية على صعيد المواقف التي تكلّلت في المرحلة الانتخابية. 

وتقرأ مصادر بارزة في الحزب التقدمي عبر "النهار" رسالة وليد جنبلاط الثانية بحبر التوجّه نحو محور "الممانعة" الذي ينطلق في مواقفه الدائمة من شعارات قائمة على احتكار عناوين المقاومة، في وقت كان كمال جنبلاط أول المتحدثين عن الفعل المقاوم على مستوى العالم العربي بما فيه تثبيت حضور أهل الجنوب في أرضهم. وتقول المصادر إن أولى بوادر العمل الدفاعي بمواجهة دخول اسرائيل انطلقت من بيروت حيث كانت الأسماء الأولى التي سقطت من الشهداء منتمية إلى الاشتراكي. وكذلك، في مواجهة الجيش السوري حيث كان كمال جنبلاط أول من اختار سبيل المواجهة وامتشق بنادق المعركة العسكرية على أثر دخوله لبنان. وتلفت مصادر التقدمي إلى الرسالة الثالثة التي صاغت كلمة جنبلاط حروفها في ما أطلق عليه تشبيه "محاولة الاغتيال الثاني" بعدما نجحت "انتفاضة الاستقلال" عام 2005 في إخراج الجيش السوري من لبنان، حيث تلوح في الأفق وقائع منذرة بسيطرة إيرانية يرسم معالمها "حزب الله" لناحية المبتغى الظاهريّ في محاولة تحديث أشكال ظهوره في الدوائر الانتخابية التي لا يبسط حتى الساعة سيطرة سياسية واضحة عليها، وفي مقدّمها كلّ من دائرتي "جبل لبنان الأولى" و"جبل لبنان الرابعة" حيث يقود معركة حلفائه انتخابياً في أقلام الاقتراع الخاصة بهم، ويرسم معادلاتهم الانتخابية ويقود انضواءهم في لائحة واحدة غير منسجمة المكوّنات والمضامين. 

وفي السياق، تشير المعلومات إلى غياب "الكيمياء السياسية" بين أعضاء لائحة قوى 8 آذار في دائرة "الشوف، عاليه" حيث بدا لافتاً غياب أي مهرجان انتخابي إرسلانيّ حتى الساعة، على عكس الحشود الغفيرة التي واكبت مناسبات ثلاثية تحالف التقدمي الاشتراكي - "القوات اللبنانية" - حزب الوطنيين الأحرار من عاليه إلى الشوف. وترجع أسباب التأخر الارسلاني عن الصورة الانتخابية حتى اللحظة إلى اختلافات في وجهات النظر حول وجهة إقامة مهرجان الاعلان عن اللائحة بين عاليه أو الشوف، كما إلى حراجة الوضع الشعبي الارسلاني الذي يخوض معركة غير مضمونة النتائج، في وقت أن غالبية من الاستطلاعات تنظر إلى المقعد الدرزي الثاني في عاليه على أنه الأضعف والأقرب إلى الخرق من بين المقاعد الخمسة على الرغم من كونه "المقعد الفاضي" في غياب المنافسة حوله على صعيد لائحة الاشتراكي.

وإذا كانت رسائل جنبلاط تنطلق من عناوين سياسية كبرى، فإن نائباً عتيقاً في "اللقاء الديموقراطي" يشير إلى أن الخاتمة التي استكملت كلمة جنبلاط في السمقانية هي نفسها التي اختتم بها خطابه الجماهيري الأول على أثر استشهاد كمال جنبلاط، بما يتركه خطاب السمقانية من دلالات رمزية مهمة. وفي ما يخصّ مرحلة ما بعد استحقاق الانتخابات المقبل، تلفت المعطيات إلى انطلاق إدارة المحرّكات السياسية والبرلمانية في مرحلة ما بعد الانتخابات على مجموعة مهمّات أكبر يتسلّم مقاليدها رئيس "اللقاء الديموقراطي"، بما يشمل إضافة إلى رئاسة الكتلة النيابية وتوزيع الأدوار على النواب، الإشراف على العمل التشريعي برلمانياً باتجاهات جديدة تتضمن مواكبة مشاريع قوانين، كما إدارة التفاصيل اليومية المرتبطة بمتابعة شؤون المواطنين في كونه على تماس مباشر مع الناس من المختارة إلى كليمنصو. وتبنى المرحلة المقبلة على أساسات المواقف المنبثقة من المناسبات التي تولّى خلالها النائب جنبلاط قمرة المنبر في ذكرى 16 آذار وصولاً إلى الجولات المناطقية على القرى الشوفية والمساحة الواسعة في الاطلالات الحزبية والمجتمعية. وتنعطف مهام الكتلة الاشتراكية على دور مستمرّ يضطلع به وليد جنبلاط في متابعة تعاريج السياسة بأسلوبه الخاص في تحريك أحجار الشطرنج السياسية والإشراف على المقاربة العامة، حيث لا يزال يتولّى قيادة الحزب التقدمي ورئاسته انطلاقاً من مسار حضوريّ انطبع في الحياة السياسية. وإذ يبقى من السابق لأوانه راهناً الحديث عن تموضعات سياسية وموازين قوى على صعيد المجلس النيابي الجديد، فإن التقاطعات الكبرى التي تجمع التقدمي بحلفائه من الأحزاب السيادية المتشابهة استراتيجياً ستشكل العنوان الأساسي على عتبة الدخول إلى البرلمان. وينتظر أن تتركز الاهتمامات بعد الانتخابات على الخطة الاقتصادية واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تشكّل عناوين أساسية.