مجموعة من المشكلات الكبيرة تواجه التيار الوطني الحر مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في 15 مايو، وبسبب قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ومؤسس التيار العماد ميشال عون في 30 أكتوبر القادم. والمشكلات متنوعة، منها تنظيمية داخل التيار، ومنها ما يتعلق بعلاقاته مع حلفائه من قوى الممانعة ومع حلفاء حلفائه، وبعضها مشكلات سياسية وشعبية، لأن الناس تحمل التيار الجزء الأكبر من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، كونه تولى الحكم مع حلفائه لمدة 6 سنوات على أقل تقدير، وفي هذه السنوات تدهورت الأوضاع المعيشية الى حدود قاتمة وقاسية، والمواطنون يعيشون على العتمة، بينما تمسك التيار بتولي وزارة الطاقة التي تشرف على ملف الكهرباء لمدة 15 سنة متواصلة، وصرف عليها أكثر من 47 مليار دولار من الأموال العامة المستدانة.
جولة رئيس التيار النائب جبران باسيل الى المناطق التي يوجد فيها مرشحون عونيون، لاقت اعتراضات واسعة، وأقدم عدد كبير من المواطنين على قطع الطرقات أمام موكبه، ليس من باب تهديد حرية التعبير او فرض حظر على تحركات قيادات التيار في المناطق، بل لأن الامتعاض الشعبي من باسيل كبير جدا من جراء مواقفه الملتبسة حول عدة قضايا، ومنها المزايدة حول الدفاع عن حقوق المسيحيين، بينما تراجعت مكانة هؤلاء في عهده، وبسبب انقطاع الكهرباء بشكل شبه كامل عن المواطنين، ولو كان أي طرف سياسي آخر يتولى إدارة ملف الكهرباء مكان التيار وفشل، لكان المواطنون يواجهونه بذات الاعتراض.
كل الاستطلاعات تشير الى تراجع شعبية التيار، والعمل الدؤوب الذي يقوم به حزب الله لإنقاذ مرشحي التيار في المناطق التي يتواجد فيها مناصرون للحزب، لم تتمكن من إعادة المعنويات المتراجعة لدى هؤلاء. وقد توضحت معالم المعركة في بعض الدوائر، بحيث تبين أن اللوائح التي ألفها حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهم، لاسيما في جبل لبنان، تواجه مشكلات داخلية كبيرة كما في المتن وبعبدا وجزين، وقد ظهر الى العلن تمرد قيادات في التيار الوطني الحر مثل النائبين المستبعدين ماريو عون وحكمت ديب، وصرح هؤلاء بأنهم لن يعطوا أصواتهم التفضيلية لمرشحي التيار، بينما بدأت مكاتب الإحصاء تشير الى تقدم للمرشحين المستقلين في لوائح حزب الله والتيار الوطني الحر على مرشحي التيار الحزبيين، وهذا ما يحصل تحديدا لصالح نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في البقاع الغربي ولصالح النائب فريد البستاني والمرشح ناجي البستاني في دائرة الشوف - عاليه.
وتتشعب متاعب التيار الى نواح مختلفة لم تكن بالحسبان، ومنها تحميله مسؤولية الإخفاقات التي حصلت في عمل وزارة الخارجية المحسوبة على التيار في تعاملها مع اقتراع الناخبين في الخارج، واتهمت الوزارة بممارسة الكيدية في عملية توزيع الأقلام ولوائح الشطب لإعاقة تصويت الناخبين الذين يناهضون التيار، لاسيما في أميركا الشمالية وأستراليا، وقد نجا وزير الخارجية عبدالله بو حبيب من التصويت على حجب الثقة عنه أمام مجلس النواب الثلاثاء الماضي بسبب عدم اكتمال نصاب الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري بناء على طلب كتلة نواب القوات اللبنانية.
دعوة الرئيس بري لجلسة طرح الثقة في بو حبيب أثارت امتعاض باسيل الذي أعلن أنه لن يصوت لصالح بري في انتخابات رئاسة مجلس النواب الجديد، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون غمز من قناة الرئيس بري وحلفائه في موضوع المسؤولية عن تعطيل ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 برغم أنهم ينضوون في لوائح انتخابية واحدة.
ويبدو واضحا أن المتاعب التي تواجه التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة كبيرة جدا، ومن الصعوبة بمكان أن ينفذ التيار من دون تراجع كبير، إذا لم نقل من دون هزيمة.