Advertise here

السنيورة: قانون الإنتخاب يسبب إحتقانات طائفية ومذهبية

27 نيسان 2022 19:34:43

شارك رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، في لقاء أقيم بدعوة من المحامي عبد الحميد الاحدب، في مكتبه في الحازمية، ضم مجموعة من المحامين، بحضور رئيس لائحة "بيروت تواجه" الوزير السابق خالد قباني والوزير السابق رشيد درباس والأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين.

وقال السنيورة: "لا أسوأ من هذا القانون الانتخابي، فهو مخالف للدستور ويتسبب بمزيد من الاحتقانات الطائفية والمذهبية في البلد إلى درجة أنه يجعل أعضاء اللائحة نفسها أعداء لبعضهم، إذ يبدو كل فرد كأنه يمسك بخنجر ليطعن زميله في اللائحة في ظهره، لكن كما تعلمون، هذا قانون قائم، ويذكرني بمحطة محددة كان فيها النائب جبران باسيل وزيرا للكهرباء، وقال يومها إنه يرفض تطبيق قانون صادر في عام 2002، علما أن الموقف هو مخالف للدستور لأنه قانون ويجب العمل بمقتضياته".
 
وأشار إلى أن "المقتضيات اليوم ألا تكون هناك مقاطعة للانتخابات لأن لدينا تجارب سابقة في لبنان وأخرى في العراق، فالذين قاطعوا يعانون اليوم من الأمرين"، وقال: "إن المقاطعة ستؤدي إلى وجود جهات تفرض تمثيلها على الناس، وبالتالي أخذهم إلى أمكنة حتما لا تعبر عن هؤلاء الناس. وأعلم أن الانتخابات ليست كبسة زر، لكنها وسيلة في حال كانت هناك مشاركة أفضل وأكبر من قبل اللبنانيين، أقله تحد من الضرر الذي يتسبب به هذا القانون".
 
أضاف: "خلال هذه الفترة، طرأت أمور عدة في لبنان، من بينها الموضوع الاقتصادي والكابيتال كونترول وغيرهما من أمور سنتطرق إليها لاحقا. لقد شهد لبنان على مدى العقد الماضي، ومنذ الانقلاب الذي جرى على الرئيس سعد الحريري في عام 2011، جملة من الأمور فتغير الوضع الحكومي والسياسي في لبنان وتردت مجمل الأوضاع، ومنها ما تم ارتكابه بتخريب النظام الديموقراطي من خلال الممارسة التي أدت حقيقة إلى عدم إسهام الآليات المتبعة في تحقيق الهدف من النظام الديموقراطي البرلماني القائم على أساس أن الأكثرية تحكم، وأقلية غير مهمشة تعارض. وبالتالي، تسائل وتحاول إسقاط الحكومة، فهذه الآليات تجعل المحاسبة والمساءلة بشكل سليم".
 
وتابع: "تم تخريب أمرين أساسيين أكملا على إنهاء هذا الوضع، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، وهو الاستتباع الكامل للسلطة القضائية، كما هي اليوم كأنها مخلب للاقتصاص من الخصوم السياسيين، وكذلك الاستتباع الكامل للادارة الحكومية بمعنى أنه لم يعد هناك في الدولة من أصغر موظف إلى المدير العام، إلا من هو ملحق بالأحزاب .وبالتالي، ما عادت آليات الحكم موجودة، وما عاد المواطن قادرا على الحصول على الخدمة، إلا من خلال النائب أو الوزير أو رئيس الحزب أو المسؤول، بينما حق المواطن الحصول على الخدمة من دون منة من أحد".
 
وتابع: "هذه الأمور موجودة في لبنان منذ نشأته، لكنها تفاقمت وانفجرت منذ عام 2008 وعام 2011، فكيف تم تعطيل الدولة اللبنانية؟ فمن أجل انتخاب رئيس للجمهورية بقينا نحو عامين ونصف عام في فراغ رئاسي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحكومات، بحيث أصبحنا نحتاج إلى عام لتأليفها، وبضعة أشهر لتتمكن من عقد اجتماع، والسبب يعود إلى الديموقراطية التوافقية التي أدت إلى عدم قدرتنا على ممارسة عملنا. وبالتالي، من طرح هذه البدعة أراد من خلالها أن يقبض على البلد، بحيث لا يعود هناك من يمكنه اتخاذ أي قرار، في ظل ما يسمى بالثلث المعطل، وهو يسعى اليوم ليكون لديه الثلثين. بعدها، انتخب رئيس الجمهورية، ورأينا كيف اختلطت الأمور من أساسها لجهة كيف ينتخب رئيس الجمهورية؟ وعلى أي أساس ينتخب؟ ودوره؟ وبالتالي، أصبحنا في نظرية جديدة، وهي الرئيس القوي، فالرئيس القوي يكون بعضلاته أم بعقله؟ الطبيعي أن يكون قويا بعقله، وعليه أن يكون جامعا لكل اللبنانيين، لكن ما تبين من خلال البدعة الجديدة أن رئيس الجمهورية أصبح طرفا، وبالتالي فقد قدرته على القيام بعمله".
 
وأردف: "بعد ذلك، جاء قانون الإنتخاب الذي غير في الموازين، فتحولت الأقلية إلى أكثرية في مجلس النواب، بعد تفصيل القانون الانتخابي على مقاسهم. واليوم، نراهم يهددون بأنهم يريدون الحصول على "الأكثرية الميثاقية"، وهي بدعة جديدة وخطوة باتجاه القبض على الدولة اللبنانية. لقد جرت محاولات عدة خلال الفترة السابقة من أجل رص الصفوف وأن يكون هناك موقف موحد، لكن الرئيس سعد الحريري علق مشاركته السياسية، وهذا الأمر أدى إلى مزيد من الفوضى والإرباك".
 
وقال: "إن الأزمة التي نمر فيها، ليست أزمة السنة فقط، إنما أزمة جميع اللبنانيين، ولو بنسب متفاوتة. وإن المقاطعة، بحسب التجارب التي مررنا بها، لن تكون نتيجتها إلا المزيد من التسلط على الدولة اللبنانية وإكساب هذه القوى شرعية قانونية ودستورية بأن تكون لديها الأكثرية والقدرة على القيام بأي أمر، ليس فقط من خلال الأكثرية، إنما أيضا عبر السلاح والاستقواء، في ظل هشاشة الفريق المعارض. كل ذلك، يجعل الطرف الآخر قادرا على تحقيق مكاسب إضافية والتحكم بهوية رئيس الجمهورية وبإمكانية تعديل الدستور وإكساب السلاح شرعية قانونية. من لم يلاحظ هذه الأمور في لبنان يمكنه أن يرى كيف تمكنوا في العراق من إكساب السلاح المليشيوي شرعية داخل النظام العراقي. وبالتالي، ما ينقصهم في العراق يمكنهم تحقيقه في لبنان، والعكس تماما".
 
أضاف: "هذا ما جرى عمليا بالإضافة إلى محاولات جرت بين رؤساء الحكومة السابقين وبين الرئيس الحريري أولا بإقناعه بعدم تعليق عمله السياسي أو من خلال اقتراح بأن يتولى رؤساء الحكومة السابقون دفة المرحلة على أن يترأسها الحريري من الخارج، وبذلك يمكن تعبئة الفراغ الحاصل إلى حين إيجاد مخرج للأمور، خصوصا وأن الفراغ مضر بشكل كبير بالطائفة السنية على وجه التحديد ليس لكونها من أكبر المكونات اللبنانية فحسب إنما أيضا من خلال إمتدادهم في العالم العربي والإسلامي بالإضافة الى أنهم يكونوا باللحمة أو الصمغ الذي يجمع قطع الفسيفساء اللبناني وإذا هذا الصمغ لم يعد يؤدي دوره في اللحمة والجمع عندها ينتهي دوره. وهذا الأمر ينطبق على السنة وعلى اللبنانيين المقاطعين".
 
وتابع: "أيضا هذا الأمر لم يكن فيه ترحيب من الحريري مما دعاني وزملائي للبحث عن طريقة ما، لأن ترك الأمور على هذا النحو مدمرة للفترة القادمة وكذلك كان هناك جو مماثل لدى البقية بأنها لا يمكن ترك الأمور هكذا لدرجة أن أحدهم قال لي بأنه كان هناك عقد غير مكتوب قائم بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والمسلمين السنة واللبنانيين وعلى ذلك هم أسلسوا له القيادة وعلى هذا الأساس جاء الرئيس سعد الحريري وورث هذا العقد غير المكتوب بإمتيازاته وإلتزاماته وبالتالي فإن هذا الأمر هو ما دفعني لعقد المؤتمر الصحافي والقول أن ما نراه ونعاني منه يشكل احد مظاهر المشكلة وليس جوهرها، فجوهر المشكلة أن الدولة اصبحت فعليا مخطوفة وليست صاحبة القرار طالما استمر هذا الإطباق على الدولة طبعا بما يعني الدولة نسبة للقواعد التي ترتكز عليها باحترامها للدستور والقوانين وللشرعيتين العربية والدولية وباحترامها لإتفاق الطائف وإستقلال القضاء".
 
وأردف السنيورة: "لقد وضعت الحريري بهذا الموقف ثم أعلنت بعدها عن عدم ترشحي للانتخالات وللذين يسألون عن سبب قيامي بمبادرتي هذه في بيروت فقط، فإن مبادرتي قائمة بأكثر من منطقة في لبنان وما دفعني إلى ذلك هو اعتقادي بأنني وصلت بعملي السياسي إلى مراحل يحلم بها أي سياسي في عمله، ومن بين كل المواقع التي تبوأتها بحيث لم يعد هناك من مكان على كتفي أعلق عليه نجمة، أعترف أنني ما كنت وصلت إلى ما وصلت إليه لو لم يكن اللبنانيون إلى جانبي ومؤيدون لي. والوقت اليوم أشعر بأن لبنان يحتاج لي وإلى أخرين أيضا أن يقفوا إلى جانبه، ولو تنطح أي شخص وأبدى إستعداده للقيام بهذه المهمة لما كنت أعلنت موقفي هذا، لكنني لم أر أي شخص أعلن إستعداده للعب هذا الدور على مخاطره وهذا أبسط القليل الذي دفعني لهذا الموقف واعتقد أنني بمجرد قيامي بهذه المبادرة بدا هناك ردة فعل إيجابية سواء سنية أو لبنانية ولدى المجتمع العربي وهذا الأمر يتوضح أكثر فأكثر".
 
وقال: "أحببت أن ألبي هذه الدعوة لتكون مجالا للحوار بيننا وأيضا لنوضح هذه الصورة لأن المقاطعة ستحمل معها الكثير من المخاطر، وسيقول قائل أنتم ستقفون ضد الفريق الأخر،  أعتقد أنه علينا الوقوف ويمكننا المواجهة وهناك قول باللغة الإنكليزية يقول " stand up to be counted" وإذا اللبنانيون لم يقفوا معنا تأكدوا أنه لن يكون هناك جهة أخرى ستقف معنا، خصوصا وأن للعالم مشاكله وإنشغالاته وبالتالي لديه ما يكفيه من هموم. وإذا لم يقرر اللبناني القيام بما عليه والدفاع عن موقفه وقراره لن يقوم أحد بعمله نيابة عنه. لذلك لدينا الأن فرصة لتقييم هذه المرحلة والنظر إلى المستقبل وما يمكن ان يحدث إزاء هذا الأمر، خصوصا وأن الوضع اللبناني لم يعد يمكن معالجته عبر المراهم كما كنا نفعل في السابق وذلك بعد ان تفشى الداء. كما ان الوضع الإقتصادي والمالي لم يعد يمكن حله من خلال الترتيبات ولا بإلإكتفاء بالإجراءات الإقتصادية والمالية لأنها حزمة كاملة يجب القيام بها بشكل عام".
 
أضاف: "إستنادا الى ذلك أحببت أن نجتمع اليوم لكي نناقش الأمور وحظنا كبير بأن يكون الدكتور خالد قباني هو رئيس لائحة "بيروت تواجه" بما معناه بيروت تواجه ديمقراطيا وسلميا عملية تزوير إرادة بيروت والتلاعب بمصير لبنان ومصير بيروت. ولذلك جاءت مبادرة الأستاذ عبد الحميد الأحدب المشكور عليها".
 
وفي ختام اللقاء، جرى نقاش موسع بين الرئيس السنيورة والمحامين حول العمل السياسي في لبنان والإستحقاق الإنتخابي وسط تشديد على "ضرورة توحيد صفوف السنة في بيروت والإقتراع بكثافة لمنع الجهات الأخرى من تأمين الحواصل التي تجعلها تمسك بقرار لبنان وبيروت"، بالإضافة إلى إسهاب السنيورة في الشرح المتعلق بالوضع الإقتصادي والمالي والأزمة التي يعاني منها الجميع وسط تأكيد منه على "ضرورة معالجة هذا الملف بشكل كامل وليس جزئيا كما هو حاصل".

بدوره، أبدى رئيس لائحة "بيروت تواجه" خالد قباني اعتزازه بهذا اللقاء الذي "يضم نخبة عالية من رجال القانون الكبار المشهود لهم بالمعرفة والخبرة وبالمواقف الوطنية ولكن وجودي هنا ليس بهدف الدفاع عن اللائحة وأعضائها ولا عن ترشيحي لهذه الإنتخابات. والمعروف أن الرئيس سعد الحريري عندما اتخذ قرار العزوف قد احدث صدمة على صعيد كل لبنان وخصوصا في بيروت، والصدمة هذه ما زالت آثارها ماثلة علينا وعلى خياراتنا وعلى قراراتنا كما أحدث حيرة لدى العائلات البيروتية، ولذلك شاهدنا هذه الشرذمة من خلال اللوائح التي رأيناها وعرفناها علما أن المرجعيات السنية الأساس ظلت تتحمل مسؤوليتها لكنهم عزفوا عن الترشيح".
 
واضاف قباني: "في ظل هذا الوضع وبما ان أهالي بيروت تعودوا لفترة طويلة من الزمن ان يجدوا كل ما هو امامهم جاهزا من إنتخابات ومرشحين وأموال والماكينات الإنتخابية وبالتالي كان الأهالي يذهبون للاقتراع وسط علمهم المسبق بالنتائج وما يحصل. أما اليوم فقد وجد اهالي بيروت أنفسهم وسط فراغ كامل، لا لوائح ولا قيادات وحتى القيادة الأساسية عزفت نفسها عن الإستحقاق بالإضافة إلى إبلاغها جمهورها بعدم المشاركة في الإنتخابات، وقد إنعكس هذا الأمر على بيروت وواقع بيروت حتى أنه لغاية اليوم هناك تردد لدى العائلات البيروتية في المشاركة الإنتخابية وهذا أمر خطير جدا، خطورته اننا امام مصير البلد، خاصة وأننا نجهل المسار الذي يتجه إليه لبنان مع العلم أن المعركة الحقيقية ستكون بعد الإنتخابات نظرا للاستحقاقات الكثيرة التي ستحملها من تشكيل حكومة ورئيسها ورئيس جمهورية بالإضافة إلى النظام السياسي كله وعلى رأسه إتفاق الطائف".
 
وختم: "هذا الواقع المرير والضياع الكامل ورغبة الأهالي والعائلات دعا الرئيس السنيورة للمشاركة بهذا الإستحقاق خصوصا وأنه أضحى رمزا سياسيا وطنيا ويعمل على صعيد لبنان ككل وليس منطقة فحسب، وهذه اللائحة جاءت بعد مشاورات بين جميع القادة والمسؤولين والعائلات البيروتية، على الرغم من انني أتفهم لعدم وجود رضى كامل لدى الناس حول معظم اللوائح الإنتخابية لكن في الوقت نفسه فقد وصلنا إلى إنهيار كامل للبنان بحيث سقطت كل مقومات الدولة بسلطاتها ونظامها. ووسط كل ذلك، هل نتخذ قرار الإنزواء وهل نسلم البلد للفريق الأخر، لذلك قررنا المشاركة والأن لم يعد هناك مجال للجدل والنقاش وعلى الناس أن تقترع كبداية للتغيير الذي نطمح لتحقيقه لأنه إذا تمكنا من تحقيق نواة في مجلس النواب تستطيع مواجهة أي شذوذ في العمل النيابي وتصحيح كل الخلل ضمن مؤسسات الدولة، نكون قفزنا باتجاه إستعادة الدولة وتحقيق الأهداف التي على أساسها جرى ترشحنا للانتخابات النيابية".