Advertise here

بوصلة 15 أيار.. كي لا تضيع بالتشويه والتعميم

26 نيسان 2022 09:43:36 - آخر تحديث: 26 نيسان 2022 12:34:28

تأخذ النقاشات في المجالس شكلا يعاكس الواقع، فتبدو معها الطروحات والأفكار عقيمة. إذا يحتدم النقاش غالبا على نقطة مركزية: من أوصل البلد الى ما وصل اليه.


ويذهب الكثيرون مذهب أصحاب شعار "كلن يعني كلن" في رمي المسؤولية على كل من شارك في السلطة بالتساوي. ليغدو هذا النقاش كمن يبحث في جنس الملائكة، أو من كان قبل، البيضة أم الدجاجة.


كثيرة هي الأسباب التي أدت الى الإنهيار، فالبلد الذي أنهكته حرب السنتين الأهلية المدمرة لم يكد يبدأ بالخروج من تداعياتها حتى أعادته الحروب الإسرائيلية المتكررة  الى نقطة الصفر. 


فقد شكلت الحرب الاهلية ومن ثم الاجتياحان الإسرائيليان (1978 و 1982) ومن بعدهما الحرب الأهلية الثانية، وصولا الى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمدمرة، الى حرب تموز في العام 2006، أحد أسباب ضرب الاقتصاد الوطني، لتأتي بعدها الأسباب الأخرى التي لا تقل تأثيرا. فالوجود السوري الذي فرض على البلد ما يشبه "الخوة" ساهم هو الآخر في ضرب الاقتصاد الوطني.


وما إن خرج الجيش السوري في العام 2005 حتى برزت قوى تعطيلية كان لها الدور الأبرز في تدمير ما تبقى من مقومات الدولة. إذ لا ننسى دور هذه القوى في تهريب الاستثمارات عبر الاهتزازات الأمنية تارة، والتوتير السياسي تارة أخرى، وكذلك في منع السياحة وتحديدا الخليجية عبر الاستهداف المتواصل لدول الخليج. بدون أن نغفل شل البلد إقتصاديا من خلال "التخييم" في وسط بيروت لأشهر عدة، وتعطيل تشكيل الحكومات، وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وإفتعال المعارك السياسية، فضلا عن تحويل الوزارات التي تولتها القوى الممانعة الى مشاعات خاصة أثقلت خزينة الدولة بالتنفيعات وبهدر المال العام على صفقات مشبوهة مثل البواخر التركية والسدود والفيول المغشوش وغيرها الكثير.

 

أما القوى السيادية التي يتهمها البعض بأنها كانت ضمن "المنظومة الفاسدة"، قد يكون هذا البعض نسي أنها وقفت بوجه كل السياسات التدميرية التي أنهكت إقتصاد بلدنا، وقدمت الحلول ونادت مرارا وتكرارا داخل جلسات مجلس الوزراء وفي مجلس النواب بوقف الدعم على السلع الذي يستفيد منه المهربون، وبفرض الضرائب على الثروات، وكذلك على الأملاك البحرية والنهرية، وتقليص عدد البعثات الدبلوماسية، ناهيك عن المطالبة بدعم القطاعات الإنتاجية، وغيرها الكثير الكثير من الاقتراحات التي لو أخذ بها لساهمت في دعم الخزينة ومنع الانهيار. 

 

ورغم النظرة غير الموضوعية وغير الواقعية للأمور، وإصرار البعض على عدم تحديد المسؤوليات واستسهال التعميم، فإن المعركة اليوم تتجاوز كل التفاصيل الجدلية، الى معركة تحقيق التوازن، الذي بدونه لا سيادة ولا قرار وطني ولا دولة ولا إصلاح ولا خروج من الأزمة الإقتصادية.


فالمطلوب اليوم التفكير بعقلانية وواقعية وأخذ الخيار الصحيح بعيدا عن الضخ الإعلامي وتشويه الحقائق، وعدم التأثر بالأضاليل التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأكثرها مفبرك وملفق.