Advertise here

طرابلس تسبق بقية لبنان... إلى "الانهيار الكبير"

26 نيسان 2022 08:16:44

لم يكن غرق مركب المهاجرين في طرابلس وموت عددٍ من ركّابه حدثاً مستغرَباً في سياق الانهيار الاقتصادي الذي نُكبت به غالبيّة اللبنانيين، لكنّه الشكل الأفظع للمأساة الاجتماعية الآخذة بالتفاقم يوماً بعد يوم على مدى سنتين ونصف.

 

لم يكن مستغرباً أيضاً أن تقع هذه الفاجعة في طرابلس المدينة المنكوبة منذ سنوات، والتي عمّق الانهيار نكبتها، كأنّه مكتوبٌ لها أن تدفع الضريبة الكبرى من جرّاء فساد الدولة وتفكّكها وتعطّل وظائفها الاجتماعية، وكلّ ذلك بسبب خطف قرارها واستباحة سيادتها وتحويلها دولة فئوية تقوم على المحسوبيّات السياسيّة والطائفية.

 

عليه فإنّ حال طرابلس قبل الانهيار كانت مؤشّراً إلى أنّ الانهيار واقع حتماً. فمن غير الممكن أن يستمرّ لبنان في السير بمسارين. فمن ناحية كانت هناك مناطق تزدهر بسرعة وتتوسّع فيها مظاهر الرفاه، ومن ناحية أخرى كانت مدينة بحجم طرابلس تغرق أكثر فأكثر في الفقر والحرمان، حتّى صُنّفت أفقر مدينة على المتوسّط.

 

كان لا بدّ لهذا التناقض أن ينفجر، وقد انفجر فعلاً. لكنّ المستغرَب والمستفزّ الآن أنّه في ظلّ الانهيار لا يزال هناك مساران اجتماعيان - اقتصاديان في البلد. فبينما يمكن رؤية المطاعم والمقاهي في العديد من المناطق ممتلئةً وكأنّ "البلد ماشي"، تضيق سبل العيش ببعض اللبنانيين إلى حدّ سعيهم إلى ركوب البحر والهروب ولو إلى المجهول.