احتدم التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعد توقيع الأولى اتفاقا عسكريّا مع جزر سليمان، اعتبرته الثانية ودول أوروبا تهديدًا مباشرًا لمصالحها وأمنها الاستراتيجي، بينما حذّر مراقبون من احتمالات تطوّر الصراع بين الطرفين لمواجهة عسكرية بعد تصريحات حاسمة من أميركا ألمحت إلى هذا السيناريو.
وقالت الولايات المتحدة، الجمعة، إنها سترد بشكل حاسم، في حال أقامت الصين قاعدة عسكرية في جزر سليمان ذات الموقع الاستراتيجي، والتي وقّعت مؤخرًا اتفاقًا أمنيًّا مع بكين.
وقال الباحث المختص في قضايا الأمن الدولي، محمد فوزي، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن إعلان الصين رسميّا في 19 أبريل الاتفاق الإطاري بشأن التعاون الأمني مع جزر سليمان، هو تحرك يمكن قراءته في ضوء 4 اعتبارات رئيسية: أولها هو تحويل ولاء الجزر وتوجيه قبلتها الدبلوماسية من التحالف مع تايوان، إلى التحالف مع الصين، إذ تمثل جزر سليمان أكبر جزر ودول المحيط الهادئ التي يربطها تحالف وعلاقات دبلوماسية مع تايوان، ويعود تاريخ التحالف بينهما إلى سنة 1983، وهو تحالف كانت ترى فيه الصين تهديدًا لمصالحها وأمنها القومي.
وأوضح فوزي أن الملمح الثاني يتعلق باستراتيجية الصين في المحيط الهادئ، إذ تسعى الصين عبر هذه الاتفاقية إلى تعزيز حضورها في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة، لمواجهة التحركات التي تقودها الولايات المتحدة، لتحجيم نفوذ الصين في منطقة المحيط الهادئ، وهي التحركات التي تقوم بشكل رئيسي على التوسع في جمع الحلفاء وإنشاء تحالفات إقليمية لمواجهة النفوذ الصيني، مثل: "أوكوس"، وبالتالي قد تسعى الصين إلى إقامة قاعدة عسكرية لها في جزر سليمان، كأحد المخرجات التي ستنبثق عن هذه الاتفاقية، وهو أمر أشارت إليه تقديرات ودوائر سياسية أميركية.
وأشار فوزي إلى أن الاعتبار الثالث يتمثل في محاولة احتواء التحركات الداخلية المناهضة لنفوذ الصين في جزر سليمان، إذ تشهد جزر سليمان بين الحين والآخر تحركات احتجاجية مناهضة للحضور الصيني، كان آخرها الاحتجاجات التي اندلعت في أواخر عام 2021 في العديد من مناطق جزر سليمان، وهي الاحتجاجات التي أسفرت عن تعرض شركات مملوكة لصينيين للتخريب والحرق في العاصمة هونيارا، ويعزز من هذه الفرضية كون الاتفاق الأمني بين الطرفين ينص في أحد بنوده على إمكانية إرسال الصين قوات شرطية وبحرية إلى جزر سليمان في حال طلبت الحكومة المحلية ذلك.
أما الاعتبار الرابع وفقًا للباحث المختص بقضايا الأمن الدولي، فهو ذو طابع اقتصادي، إذ يأتي هذا الاتفاق بالتزامن مع تحركات صينية للسيطرة على مقدرات جزر سليمان الاقتصادية والاستفادة منها.
وأشار فوزي إلى أن مدى فاعلية هذا الاتفاق وقدرته على تعزيز نفوذ الصين في جزر سليمان والمحيط الهادئ بشكل عام، سيكون محكومًا بمدى تماهي حكومة جزر سليمان مع مطالب الصين، ومدى قدرتها على مواجهة التحركات الداخلية المناهضة للصين، فضلًا عن الضغوط التي ستمارسها القوى الدولية المناهضة للصين في المحيط الهادئ، خصوصًا الولايات المتحدة وأستراليا على جزر سليمان.
ويوم الجمعة الماضي، أعلن البيت الأبيض، أن وفدًا أميركيًّا رفيع المستوى حذّر القيادة في جزر سليمان من أن الاتفاق الموقّع مؤخرًا "قد تكون له تداعيات أمنية إقليمية" على واشنطن وحلفائها.
وجاء في بيان البيت الأبيض أن "الوفد أوضح أنه إذا اتُّخذت خطوات باتّجاه وجود عسكري دائم بحكم الأمر الواقع أو لفرض الهيمنة أو لإقامة منشأة عسكرية، فستكون للولايات المتحدة هواجس كثيرة وسترد وفق ما يقتضيه الأمر".