ستتفاقم حماوة المواقف الانتخابية خلال الأيام القليلة المتبقية قبل حلول موعد الاقتراع في الصناديق الانتخابية، والمحدّد في 15 أيار القادم، وذلك من أجل استنهاض القواعد الشعبية وحثّها على الاقتراع.
وهذا التصاعد التدريجي في المواقف يمثّل جزءاً من اللعبة الانتخابية التي بدورها تعتبر معركة تحضيرية – إذا جاز التعبير – قبل خوض المعركة الأكبر وهي معركة المواجهة داخل الندوة البرلمانية.
ستعلن النتائج في 16 أيار، وستحدّد أحجام الكتل، وحتماً سيقسّم برلمان 2022 ما بين جبهة "سيادية" وجبهة "ممانعة"، وبعض "الوسطيين"، وبعض "الثورجيين" (مع التحفظ على التسميات)، وعندها ستبدأ مرحلة جديدة من التحديات الحاسمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
لا يخفى على أحد أنّ حزب اللّه لا يسعى إلى تحقيق أكثرية عددية داخل المجلس الجديد فحسب، بل إنّه يسعى إلى الحصول على أكثرية ميثاقية عبر أتباعه في الطوائف المسيحية، والسنّية، والدرزية، والعلوية ...، مما يدفعنا إلى الاستنتاج بأنّ حزب اللّه يسعى إلى تكريس أحادية القرار في الجمهورية الجديدة التي يسعى إليها. إذ وفي حال نجاحه انتخابياً، مع توابعه، سيتمكن من فرض قراره وخياراته – كونه يتمتع بالعدد والميثاقية – على كل مفاصل الدولة بدءاً من رئاسة الجمهورية، مروراً برئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، وصولاً إلى حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش ... إلخ. وعلى الرغم من إعلان النائب محمد رعد بأن لبنان لا يُحكَم من قِبل فريق واحد، بغضّ النظر عن النتائج الانتخابية، إلّا أنّ التجربة تؤكّد أنّ هذا الموقف يهدف فقط إلى تحميل مسؤولية النتائج الكارثية لسيطرة حزب الله على كامل الدولة على كافة الأطراف الداخلية عبر شراكة صورية، في حين أنّ الكل يعلم مدى سيطرة واستبداد هذا الحزب خلال الأعوام السابقة، ومدى تفرّده في فرض قراراته على كافة الأطراف، إمّا بالترهيب أو بالترغيب.
وهنا لا بدّ من توجيه مجموعة أسئلة إلى حزب اللّه:
- هل كانت تجربة تفرّدكم في حكم البلد خلال السنوات السابقة تجربة ناجحة؟
- هل كان فرضكم الفراغ من أجل تحقيق غاياتكم أمراً ناجعاً؟
-هل كانت سيطرتكم على قرار لبنان الخارجي، وتوجيهه في خدمة مشروعكم الإقليمي قراراً سليماً، وفي مصلحة المواطن اللبناني؟
- هل كان فرض خيار التوقف عن الدفع على حكومة الرئيس حسان دياب قراراً اقتصادياً صائباً؟
والأسئلة تطول، ولا مجال لطرحها كلها هنا، لكنّ السؤال الأهم: هل سيبقى لبنان مجرد ورقة تفاوض في خدمة المشروع الإيراني؟
في المقابل لا بد من توجيه سؤال إلى الجبهة "السيادية" في لبنان:
هل سنعود إلى سياسة التسويات التي تهدف إلى مجرد الحد من الأضرار والحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الدولة فقط، أم سنبدأ بالمواجهة والعمل على استرداد الدولة وإعادة بنائها؟
معركة الحسم ستبدأ في ساعات الفجر الأولى من 16 أيار 2022:
إمّا الدولة، أو اللّا- دولة.
إما التعافي، أو الانهيار الكامل.
إما الحفاظ على لبنان التنوّع، أو الذوبان في المشاريع الشمولية.
إمّا لبنان ثقافة الحياة، أو لبنان ثقافة الموت.
إمّا لبنان العربي المنفتح على كل العالم، أو لبنان المتقوقع والمنغلق.
إنها المعركة الأخيرة، إنّها ساعة الحسم.