Advertise here

خريطة طريق لما بعد الانتخابات: حذار أفخاخ الممانعة!

19 نيسان 2022 11:29:43

تتزاحم الاستحقاقات الدستوريّة بعد الإنتهاء من الانتخابات النيابيّة على افتراض طبعاً أنها ستُجرى في موعدها المحدد دون إبتداع ذرائع سياسيّة أو ماليّة أو تنفيذيّة أو حتى أمنيّة لتأجيلها. إنها محطة ديمقراطيّة ودستوريّة هامة لا يجوز تجاوزها أو القفز فوقها بما يتيح الفرصة الجديّة للناس للتعبير عن رأيها السياسي مهما كان القانون سيئاً ويعاني من الاعوجاج الكبير.

الاستحقاق الأول يتمثّل في تأليف الحكومة الجديدة، إذ أن الحكومة الحالية تصبح حكومة تصريف أعمال عند بدء ولاية المجلس النيابي الجديد وهي بعد أيّام معدودة من إنجاز الاستحقاق الانتخابي. وتتزاحم أيضاً الأسئلة المرتبطة بهذا الاستحقاق الهام، ذلك أن تأليف الحكومة سيتم على مشارف انتهاء الولاية الرئاسيّة في تشرين الأول المقبل، وكما هو معلوم أن الحكومة تتولى إدارة شؤون البلاد في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في المواعيد الدستوريّة المحددة.

من هنا، فإن الكباش السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات سيكون متعلقاً بالحكومة وهويّة رئيسها وحجمها وشكلها وكيفيّة انعكاس موازين القوى في المجلس النيابي الجديد على تركيبتها، وما إذا ستكون حكومة أكثريّة أم حكومة لون واحد أو حكومة وحدة وطنيّة.

من غير المستبعد على قوى محور الممانعة، التي مارست التعطيل المنهجي على مدى سنوات وجمّدت الحركة الدستوريّة والسياسيّة في البلاد في حقبات مختلفة عندما تعارضت مصالحها مع المصلحة الوطنيّة العليا، أن تلجأ إلى التسويف في تأليف الحكومة الجديدة، وأن تبقي الحكومة الراهنة حكومة تصريف أعمال بعد بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، ما قد يمنح الذريعة لإبقاء رئيس الجمهوريّة في بعبدا حتى بعد إنتهاء ولايته.

لم يحسم رئيس الجمهوريّة ميشال عون الجدل السياسي المتصل بمرحلة ما بعد انتهاء ولايته، فمرة تحدث عن عدم قبوله تسليم الفراغ، ومرة أخرى حدد مواصفات الرئيس المقبل (ومن باب الصدفة المحض أنّها تنطبق على صهره)، ومرة أخرى التف على الموضوع دونما تقديم إجابات شافية على هذا الأمر.

إذا كان رئيس الجمهوريّة يعتبر نفسه أحد الناخبين للرئيس المقبل، فالأكيد أنه ليس الناخب الأوحد وربما ليس الأول. ثمّة اعتبارات عديدة ترتبط بكل استحقاق رئاسي لبناني، منها ما يتصل بالعوامل الدوليّة والإقليميّة ومنها ما يرتبط بالعوامل المحليّة. هذا الأمر ليس بجديد، إذ لطالما كان اختيار الرئيس اللبناني يقع نتيجة تقاطعات عربيّة ودوليّة معينّة دون إغفال الجانب المحلي ولو بهوامشه الضيّقة. فلماذا يتوقعون استثناءات هذه المرّة؟

مهما يكن من أمر، فإن الرئيس الذي أقسم على حماية الدستور أمام المجلس النيابي (ولو متلعثماً) في يوم انتخابه، ملزم بتوفير كل الظروف السياسيّة المناسبة لانتخاب خلف له وعدم تكرار تجربة العام 1988 عندما تعذّر إنتخاب رئيس يخلف الرئيس أمين الجميّل. يومذاك، عطل العماد ميشال عون كل فرص إنتخاب الرئيس طالما لم يقع الخيار عليه.

صحيحٌ أن الرئيس عون نكّل بالدستور في الكثير من المنعطفات خلال ولايته الرئاسيّة البائدة، ولكن من غير المعقول أن يواصل هذه السياسة مجدداً بعد كل الويلات التي تعانيها البلاد في لحظة الانهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي غير المسبوق.

هل هي مجرّد مصادفة أن يفتح بطريرك الموارنة ملف الإنتخابات الرئاسيّة قبل ستة أشهر من موعدها، وقبل إجراء الإنتخابات النيابيّة؟ إنه جرس إنذار من بكركي. فليسمعوه!