Advertise here

مصنع الموت في عين دارة: مأساة حقيقية

01 أيار 2019 12:48:08

هذه الأرض لم نرثها من جدودنا بل اقترضناها من أولادنا
"الإشعار مؤتمر جوهانسبرغ"

هذه مقالتي الثالثة عن مصنع الإسمنت الذي أصبح مثار استغرابٍ وجدلٍ ومناقشات حول التأثيرات الخطيرة على البيئة والإنسان... وهذه التأثيرات وكما أكدنا بالأرقام والحقائق لا تطال فقط بلدة عين دارة بل أنها تصل إلى عشرات الكيلومترات حسب قوة الرياح التي تحمل الغبار الناتج عن هذه الصناعة وترميه تاركاً خلفه اليباس والرماد في البيئة والأمراض الخطيرة على الإنسان...

وفي المقالة السابقة وبناء لطلب من أهالي عين دارة قمت بدراسة علمية حول هذه الأخطار وتحت خمسة عشر بنداً تتوضح التأشيرات وبالرغم من وجود الفلاتر... في التسلسل الصناعي قبل الوصول الى مرحلة التصنيع الأخيرة للإسمنت... وهنا سأحاول أن أضع أمام القارئ الكريم الحقائق العلمية التفصيلية التي توضح حجم الأخطار الناتجة عن هذه الصناعة...

ويكفي للدلالة الإشارة وبالمطلق، أن كل طن من الإسمنت يحتاج الى 60-130 كيلوغراماً من المحروقات الزيتية و110 كيلوواط في الساعة من الطاقة الكهربائية و1,5 طن من المواد الخام... مثل بسيط مدينة الرايس في الجزائر: نصف سكانها مصابون بالربو والحساسية المفرطة، بسبب وجود مصنع الإسمنت القريب منها، وغبار الأتربة الناتج من التصنيع...

في دراسة قام بها الخبير البيئي غازي المرياطي مستنداً على دراسة لمنظمة الصحة العالمية المكتب الإقليمي للشرق الأوسط، وهي دراسة ميدانية في محيط يتجاوز الـ 15 كلم بعيداً عن مصنع الإسمنت وأشارت الدراسة إلى أن 49% من العاملين في مصنع الإسمنت مصابون بالسعال منها 10% من السعال المستمر...

أما الذين يشعرون بضيق التنفس وصلت نسبتهم الى 55% والمصابون بالربو القصبي 4% والذين يعانون من النوبات الشبيهة بالربو 11% والمصابون بالسعال التنفسي 49% وهذه الدراسة تشمل كما ذكرنا منطقة أقصاها 15 كلم عن مصنع الإسمنت.
وبينت نتائج الدراسة ان نسبة الإصابة بالمرض التنفسي المزمن كانت 71 % والإصابات بالتهاب القصبات الهوائية 52% والتهاب رئة 13% وانتفاخ رئة 4,4% وربو قصبي 6%.

وتعود هذه الأمراض وخاصة في الجهاز التنفسي الى المركبات الناتجة عن صناعة الإسمنت مثل الكربون والهيدروجين والجزيئات العالقة والفسفور والأتربة والدخان والأبخرة... وهذه العناصر تشكل سبباً مباشراً لانتشار العديد من الأمراض زيادة عما ذكرناه سابقاً ومنها التأثير على الجهاز العصبي ونوع من الخمول في القدرة على التفكير، وتهيج ملتحمة بالعين، وانعدام الرؤية وأمراض الرئة كالربو والسل وآلام في الصدر والتهاب القصبات الهوائية وفقدان حاستي الذوق والشم والتصلب الرئوي، وأمراض الجلد وأمرض الحساسية والإصابة بالسرطان وتشوه الأجنة وأمراض الصداع الدائم..

وتفيد الدراسات بأن الملوثات الثابتة خصوصاً الغبار الذي تطلقه مصانع الإسمنت يلحق أضراراً بيئية واسعة في الأرض والزرع والأنهار حيث تشكل طبقة رغوية شبه هلامية تقضي بالكامل على المحيط البيئي، كذلك على صحة الأطفال فإن التأثيرات تعادل 3 أضعاف ما تأثره على الكبار...

أحببت من خلال هذه المقالة الثالثة عن أضرار مصنع الإسمنت وأخطاره وتكملة ما كتبته سابقاً... يكفي للدلالة أن الإنتاج السنوي 3 مليون وحاجة لبنان 5 مليون طن سنوياً والمصانع الموجودة حالياً تغطي احتياجاته...

أخيراً واختصاراً لكل المسافات وبضمير نقي أقول إن الدول المتقدمة تسمي ملوثات الإسمنت بالملوثات الوسخة والخطيرة وتعمل أكثر هذه الدول على إغلاق المعامل في أراضيها منعاً لتلويثها المرعب وتقيم المصانع على أراضٍ للدول النامية ... وتستوردها بعيداً عن مصائب المصانع ...

أقولها وبكل أمانة مصنع الإسمنت في عين دارة مشروع تدميري ممنهج للبيئة ولصحة الإنسان ولأهم محمية في لبنان مساحتها 5% من مساحة الوطن ... وتشكل متنفساً بيئياً للوطن كله...