Advertise here

تحركات متسارعة في لبنان على خلفية المشهد الانتخابي

04 نيسان 2022 09:52:58

فرض الحدث الانتخابي نفسه على حراك الساحة اللبنانية رغم الكارثة المعيشية التي تتخبط تحت وطأتها البلاد. وتحول مسعى تأجيل الاستحقاق إلى ما يشبه اللقيط السياسي الذي ليس له أم ولا أب يعترفان به أو يتجرآن على تبنيه، ولم يعد أمام المتضررين من اجراء الانتخابات أي حجة، بعدما استنزفوا كل الخطط التي وضعوها لهذه الغاية. وما يقال عن تأجيل تقني لتمكين المجلس النيابي الحالي من اختيار خليفة للرئيس ميشال عون، ليس له أي أساس على الاطلاق، ذلك أن أطراف وازنة في هذا المجلس هددت بالاستقالة منه إذا وضع بند التمديد للمجلس الحالي على جدول أعمال أي جلسة قادمة. ورئيس المجلس نبيه بري نعى كل محاولات تأجيل الانتخابات، عندما أكد أنها حاصلة في موعدها في 15 مايو، وهو لا يتبنى أي اقتراح للتمديد للمجلس مهما كانت الأسباب. وقال بري خلال إطلاق ماكينة حركة أمل الانتخابية: إن نتائج هذه الانتخابات ستقرر مصير لبنان.

تشهد الساحة اللبنانية تحركات متسارعة على خلفية التحضير للحدث الانتخابي، لأن حزب الله وحلفاءه يجهدون للحصول على أكثرية نيابية ويطمحون لتصل الى ثلثي أعضاء المجلس، بهدف إحداث تغييرات جذرية على طبيعة النظام، ولانتخاب رئيس للجمهورية موال لهم. والقوى المعارضة مدعومة من مرجعيات دينية كبيرة، تجهد لتقويض مساعي قوى الممانعة، وللحفاظ على استقلال لبنان وقراره الحر، وعلى حياده عن الصراعات الإقليمية والدولية، ولإبقائه ضمن الحاضرة العربية التي تحميه.

لا قدرة لحزب الله على التأثير الكبير في المناطق ذات الأغلبية المسيحية، وعداوة حزب الله للقوات اللبنانية ولقوى سيادية أخرى تفيدهم في تحشيد الناخبين، لكن الخطط التي أعلن عنها حزب الله لمساعدة حلفائه في المناطق الأخرى، تستهدف اللوائح التي يرعاها الرئيس فؤاد السنيورة وغيره من القيادات السنية السيادية، ومحاصرة النائب السابق وليد جنبلاط على وجه التحديد، لتقليص عدد كتلته النيابية، لتفادي الاعتراض الذي يعلنه جنبلاط لسياسة الحزب الداخلية والخارجية، خصوصا انخراطه في حرب سورية واليمن كونه ينفذ أجندة إيرانية أضرت كثيرا بمصلحة لبنان وباستقرار المنطقة العربية.

يقول مصدر واسع الاطلاع: إن المشاهد الأخيرة التي حصلت في الساحة اللبنانية تؤشر الى سخونة متوقعة، ومن أبرز هذه المشاهد، عودة عجقة الزيارات التي تقوم بها قيادات خط الممانعة الى دمشق، إضافة لما حملته زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان الى بيروت، والتي بدت أنها رد على التحركات العربية والإقليمية الأخيرة. وتشير معلومات ذات صلة الى أن عبداللهيان الذي نقل دعما لحلفائه، شجع حزب الله على رفع سقف خطابه ضد معارضيه، وأرفقها بتهديدات لها خلفيات أمنية وتخوينية واضحة، برغم أن الحزب حريص على حصول العملية الانتخابية، لأنه يعتبرها فرصة لإثبات مشروعيته الشعبية، ولزيادة عدد النواب الذين يدورون في فلكه من جراء الفراغ الذي أحدثه انكفاء الرئيس سعد الحريري عن المشهد، ولأنه نجح في استمالة بعض المرشحين المحسوبين على الحراك ولم يعد لهؤلاء قدرة على إيذائه في مناطق نفوذه.

وعلى الضفة الأخرى من المشهد، فإن الزيارات الأخيرة التي قامت بها شخصيات من المعارضة الى دول الخليج العربي، نجحت في تلطيف موقف هذه الدول من لبنان.

التحركات المتسارعة ستضفي حماسة على المشهد الانتخابي، لكن بعض المتابعين يحذرون من المبالغة في استخدام مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية لصالح مرشحي القوى القابضة على مفاصل الحكم، كما أن الانفلات الأمني والمالي الذي يقوم به حزب الله في بيئة المعارضة قد يخلق إشكاليات وإرباكات واسعة أمام الاستحقاق القادم.