Advertise here

درءاً للجوع: خطة الأمن الغذائي لزراعة مليون دونم بالقمح

02 نيسان 2022 12:52:17

مع ارتفاع حدة التقارير المحلية التي تشير إلى إمكانية نفاد القمح في لبنان، إثر مرور أكثر من شهر تقريباً على بدء الحرب الروسية-الأوكرانية، أعاد وزير الزراعة، عباس الحاج الحسن، التذكير بمبادرة أطلقتها هيئة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في العام 2019، لزراعة القمح الطري الذي يستخدم في صناعة الخبز، قبل أن تحاصرها الحكومات السابقة لأسباب لم تكن واضحة، بقدر ما كانت محاولة لتعزيز تحكم التجار بلقمة عيش اللبنانيين. وهو ما أوصل لبنان اليوم إلى دفع تكاليف الحرب الروسية -الأوكرانية.

فقد أطلق وزير الزراعة حملة لتشجيع المزارعين على زراعة القمح الطري والصلب، بعد حصول موافقة مجلس الوزراء، بهدف الانطلاق تدريجياً لتعزيز ودعم الأمن الغذائي في مواجهة أي أزمات طارئة مستقبلية.

انطلقت حملة وزارة الزراعة من عاملين، الأول يتعلق بالأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة التجار على استيراد السلع، بسبب أسعار الصرف وتوقف الدعم تدريجياً. وهو ما رفع سعر رغيف الخبز في السابق أضعاف ما كان عليه قبل العام 2019. فيما العامل الثاني يتعلق بمجريات الأوضاع في أوروبا، وارتفاع أسعار الطاقة عالمياً. هاتان الأزمتان تسبّبتا في ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المحاصيل الأساسية في لبنان، ودول أخرى في الشرق الأوسط.

تعزيز الأمن الغذائي
بموجب الحملة الخاصة بوزارة الزراعية، من المرجح بحلول العام 2025، أن يتمكن  لبنان من إنتاج حوالى 250 ألف طن من القمح، ما يوازي تقريباً ربع حاجة السوق، حسب ما صرح وزير الزراعة عباس الحاج الحسن لـ"المدن". يقول: "بينت دراسات الوزارة  أن هناك ما لايقل عن 100 ألف هكتار، أي ما يساوي تقريباً مليون دونم، سيتم زراعتها بالقمح خلال الفترة المقبلة، وسيتم دعم المزارعين في مناطق عديدة في لبنان، من خلال التوعية بأهمية زراعة القمح الطري، ومساعدتهم في تأمين البذور، والمبيدات".

وحسب الحاج حسن، فإن هذا المشروع، يأتي في إطار خطة للنهوض بالقطاع الزراعي، لمواجهة تداعيات أي أزمات مستقبلية، كما يصب في إطار محاولات لبنان دعم الصناعات الغذائية من جهة ثانية.

خطوة الوزير هذه، وعلى الرغم من أهميتها، إلا أنها لن تكون قادرة على مواجهة تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية في حال طال أمدها، لأن الخطة لن تترجم فعلياً إلا في الموسم المقبل، أي العام 2023. ما يعني أن سعر ربطة الخبز في لبنان سيبقى مرتفعاً أو قابلاً للارتفاع مع التغييرات الدولية الحاصلة. يفسر الوزير عدم إمكانية البدء بالزراعة في الموسم الحالي، لأسباب عديدة، منها ما يتعلق برغبة المزارع والتحفيزات التي تقدم له، للاتجاه إلى هذا النوع من المزروعات، ومنها ما يتعلق بآليات دعم المزارعين. فحتى الآن لم يتم البت في كيفية توجيه المزارعين، نحو هذه المزورعات، وكيفية دعمهم بالمبيدات والاحتياجات الأساسية.

ماذا عن المزارع؟
الحلقة الأهم في هذه الحملة، تتعلق بمدى قبول المزارعين الاتجاه نحو زراعة القمح. حسب الخطة، سيتم زراعة القمح الطري تحديداً في سهول البقاع، عكار، مرجعيون والنبطية، حيث أثبت الدراسات الخاصة بالوزارة إمكانية زراعة القمح بشقيه الطري والصلب في هذه المناطق، خلافاً للإدعاءات السابقة التي لفتت إلى عدم إمكانية زراعة القمح خاصة الطري في لبنان، وفضلت استيراد كامل احتياجات لبنان من الخارج.

هذه الخطوة مرحب بها من قبل  رئيس "تجمع مزارعي وفلاحي البقاع" ابراهيم الترشيشي، لأنها ستدعم المزارع اللبناني، وتساعد في تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها من جهة، ومن جهة ثانية، لأنها تساعد في تأمين السلع الاستراتيجية لدعم المواطنين. يقول ترشيشي لـ"المدن": على الرغم من أن الخطة جاءت متأخرة، ولكن على قاعدة أن تكون متأخراً أفضل من أن لا تأتي، فإن المبادرة مهمة وداعمة للقطاع الزراعي. ويرى ترشيشي، أن زراعة القمح الطري في لبنان، كانت سائدة لسنوات وإن بكميات ضئيلة، لكن لعدم اهتمام الحكومات السابقة بدعم المزراعين، انصرف عدد كبير منهم إلى زراعات أخرى. ولذا يطالب ترشيشي عند البدء بتنفيذ الخطة، أن يؤخذ بالاعتبار عدة عوامل، منها آليات دعم المزارع اللبناني ليس فقط بالمبيدات أو البذور، ولكن من خلال التشجيع على شراء المحصول بأسعار جيدة.

ويرى ترشيشي أنه من المهم معاملة المزارع كالبائع الأجنبي. ففي السنوات السابقة، وعلى الرغم من محدودية التوجه لهذا النوع من المزروعات، إلا أن الدولة كانت تشتري المحاصيل بأسعار رخيصة، وهو ما لا يمكن تبريره في هذه المرحلة التي يمر بها لبنان، وفق ترشيشي.

ما هي التكاليف؟
وفق وزير الزراعة، فإن التكاليف قد لا تتعدى مليون دولار خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وهي تكلفة بسيطة مقارنة مع الكميات المنتجة، ومع فاتورة الاستيراد سنوياً التي تتكبدها الخزينة اللبنانية. وستبدأ الوزارة بزراعة القمح في الموسم المقبل، نظراً لعدم إمكانية البدء بالزراعة في هذا الموسم، لأسباب لوجيستية وفنية، وستحصل الخطة أعلاه، على دعم من أفراد وهيئات وطنية وأجنبية.

ووفق الوزارة، فإن الخطة أخذت بالاعتبار آليات تخزين القمح، إذ سيتم  تخزين حوالى 200 ألف طن من القمح داخل مخازن مصلحة الأبحاث العلمية، حتى يتم بيعها للتجار، وهو ما سيكون له انعكاس واضح على سعر الخبز اللبناني. 

أزمة الخبز
على الرغم من تطمينات وزير الزراعة، من أن لا أزمة غذائية قد يتعرض لها لبنان في المستقبل القريب، وأن الحكومة تسعى إلى البحث عن مصادر متنوعة لاستيراد القمح، إلا أن لبنان لن يكون بمنأى عن ما يجري في دول اخرى، حيث يشهد رغيف الخبز ارتفاعاً لافتاً في أسعاره. فلبنان، يستورد ما يصل إلى 60 في المئة من احتياجاته من القمح من أوكرانيا، فيما الكميات الأخرى من روسيا، رومانيا، وغيرها من الدول، ما يعني أن نحو 360 ألف طن التي يتم استيرادها من أوكرانيا تحديداً قد تختفي من الأسواق. مسؤولية نقص القمح في لبنان وإن بررها بعض السياسيين والتجار بالحرب الحالية، إلا أن جذورها تعود إلى رفض الحكومات السابقة توجيه المزارعين لزراعة القمح بنوعيه الطري والصلب.