كما غرق اللبنانيٌون في العتمة منذ أوائل صيف 2021، ها هم يغرقون بوعود وزير الطاقة والمياه، وليد الفياض، الفارغة وغير المترجمة على أرض الواقع. وعد? فياض بزيادة ساعات التغذية ما بين 8 و10 ساعات يومياً مع بداية شهر شباط من العام الجاري، بعد إطلاق عمليات استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية. إلّا أنّ الوعد لم يُطبق، وساعات التغذية تتراجع وتنعدم نهائياً في بعض المناطق.
قبل أيام، أقرّ مجلس الوزراء خطة الكهرباء، ووعد فياض بزيادة ساعات التغذية 3 إلى 4 ساعات بعد استقدام الغاز المصري، وكانّه تناسى الكهرباء الأردنية. إلّا أنّ وعد فياض لا زال، "سمكاً بالبحر"، فالعنصر الأساسي لبدء عمليات استجرار الطاقة ومصادرها من الخارج، أي التمويل، لا زال غير مؤمّن.
مصادر مجلس الإدارة في مؤسّسة كهرباء لبنان، وفي معرض حديثها عن خطة الكهرباء، أشارت إلى أنّها "ليست نسخة عن الخطط السابقة التي قدّمها وزراء سابقون، لكنها تتقاطع مع تلك بعددٍ من النقاط، وتقوم على ثلاثة مراحل، وفقاً للأولويات".
وفي حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفتت المصادر إلى أن، "نجاح الخطّة مرتبط بشكل مباشر بالأرضية. والأرضية اليوم متحركة، ولا يمكن ضمان النجاح إلى ما بعد إرساء البلاد على أرضٍ ثابتة، وهي عبارة عن رؤية اقتصادية واضحة وسعر صرف موحّد، وذلك يتم بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتأمين التمويل للبنان عبر البنك الدولي، ودون ذلك ما من سبيل للنجاح".
وفي التفاصيل، أوضحت المصادر أن، "الخطة تلحظ سعر صرف 20,000 ألف ليرة للدولار، وسعر 80 دولاراً لبرميل النفط. لكن هذه الأرقام زادت، وهي مرشّحة للارتفاع أكثر في الأيام المقبلة، كما أنها تنتظر التمويل غير المؤمّن بعد. وهذه عوامل سلبية لا تساعد على تحقيق الأهداف".
وفي هذا السياق، أضافت: "مشروع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن أُنجز تقنياً، لكن التمويل لم يتأمن بعد بانتظار الاتفاق مع البنك الدولي، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الحين. كما أن الاستثناءات من قانون العقوبات "قيصر" لم تصدر بعد رسمياً عن الإدارة الأميركية، وبالتالي لا استجرار في الوقت الحالي".
وعن وعود وزير الطاقة، وليد فياض، بزيادة ساعات التغذية في المستقبل القريب، أشارت إلى أنّ "زيادة ساعات التغذية مرهون باستجرار الطاقة ومصادرها من الخارج، وما من مصدر آخر، وبالتالي متى أنجز مشروعا الاستجرار من مصر والأردن، وتم تأمين التمويل وإصدار الاستثناءات، زادت ساعات التغذية". واستطردت: "الأمر مرتبط بالسياسة من جهة، وبالاتفاق على خطّة تعافٍ مع صندوق النقد الدولي. والأمران مؤجّلان إلى ما بعد الانتخابات النيابية".
وبالنسبة للحلول المؤقّتة التي طرحتها الخطة، لفتت المصادر إلى أن، "العودة إلى اقتراض السلف مرفوض، كما أنّ العودة إلى مشاريع تشبه مشروع البواخر كذلك، فهذه أسوأ تجربة"، لكنّها كشفت عن حلٍ تجري دراسته ويؤمّن ساعات تغذية إضافية، و"يقوم على استقدام معملَي إنتاج كهرباء نقّالين من مصر يعملان على الغاز، واللذين باتا خارج الخدمة لعدم حاجة القاهرة إليهما، ولكن دون مقابل (أي دون بدل إيجار) على أن تتم زيادة كميات الغاز المستقدمة. وهذا يشكّل ربحاً إضافياً لمصر، ولا يُكبّد الدولة مصاريف ضخمة، وهذا حلٌ جيّد في حال الركون إليه".
أما وبالنسبة لمشكلة الهدر، ذكرت المصادر أن، "أي اسثمار دون معالجة أزمة الهدر سيكون خسارةً. هدف تخفيف الهدر موجود، لكن ماذا عن الآلية؟ الحل يكمن في التوجّه نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبالتحديد إنشاء شركات توزيع كهرباء في المناطق (لا- مركزية التوزيع) لمعالجة الهدر، وهذا اقتراح قانون تقدّمت به كتلة "اللقاء الديمقراطي"، لكن لم يلقَ الاهتمام الكافي، ولم يقرّ بعد".
ختاماً، وبالنسبة للتعرفة، أكّدت المصادر أنّ "الموقف مبدئي من هذه المسألة، ويقضي بعدم رفع التعرفة قبل زيادة ساعات التغذية. والبحث اليوم يجري حول اعتماد تعرفتين، الأولى لصغار المستهلكين (300 كيلواط بكلفة 500 ألف ليرة تقريباً)، والثانية لكبارهم، وهذا ينطلق من مبدأ الضريبة التصاعدية لتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن تصحيح التعرفة يحتاج بالأساس لسعر صرف موحّد".