لا خطة للتعافي الاقتصادي حتى الساعة. حتى أن الاجتماعات الوزارية واللقاءات بين المعنيين في السلطة لانضاجها، تبدو شبه معدومة أقلّه في العلن. في المقابل، الانهيار يضرب كل شيء واللبنانيون ينزلون كل يوم طابقا اضافيا في "الجهنم" التي تحدّث عنها، غداة انفجار 4 آب، رئيسُ الجمهورية ميشال عون.
أمس، وفيما قطاع المحروقات الحيوي والأساسي للناس في يومياتهم، من التنقّل إلى التدفئة إلى الصناعة، شهد تأزّماً جديداً إذ ما عاد مصرف لبنان قادراً على تأمين الدولارات الكافية لتمويله، ارتأت الحكومة، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، الهروب إلى الامام وإرجاءَ انفجار هذه القنبلة الموقوتة، بدلاً من العمل على تفكيكها.
فقد قرر مجلس الوزراء إثر جلسة عقدها في السراي، دعوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى جلسة الأربعاء المقبل وطلب من وزير المال أن ينسّق مع مصرف لبنان للاستمرار في الدفع للمحطات عبر منصة صيرفة لشهرين إضافيين كما كان الوضع سابقا إلى حين إيجاد حلول بديلة.
لكن متى سيتم ايجاد هذه الحلول البديلة؟ لا جواب بعد، وكل المؤشرات تدل إلى ان الحكومة غير جدية في معالجة الازمات الاقتصادية والمالية والحياتية والمعيشية. فهي، وبدلا من ان تنكب ليل نهار على انهاء خطة تعافٍ شاملة كاملة لترفعها الى صندوق النقد الدولي وتنطلق على اساسها عمليةُ انتشال لبنان من الحفرة، تعمل على "ترقيع" كل الملفات الملتهبة المكدسة فوق طاولتها، بـ"المفرق" وبـ"القطعة"، ما يحوّل كلَ ما تقوم به الى حبّات "بنادول" خفيفة تُحقن في جسم مريض مصاب بسرطان يفتك به.
على أي حال، هذه العشوائية في التعاطي مع الازمات لم تظهر فقط في قطاع المحروقات، بل الأمر نفسه يسري على قطاع الكهرباء حيث انه، وفي غياب حماسة الجهات الدولية لتمويل خطة الحكومة بما ان الاخيرة لم تُقدم على اي اصلاح جدّي بعد، لا تزال وزارة الطاقة تطلب السلف، وقد طلب وزير الطاقة وليد فياض امس الحصول على تمويل بقيمة 77 مليون دولار لتأمين صيانة المعامل وعمليات التشغيل.
في موازاة كل ذلك، الموازنة تجرجر في اللجان وتتعرض لانتقادات واسعة من قبل اعضاء لجنة المال في مجلس النواب. كما أن قانون "الكابيتال كونترول" الذي يطلبه بإلحاح صندوق النقد، لا يزال في عالم الغيب. وليكتمل المشهد، تتعرّض المصارف وحاكم مصرف لبنان للملاحقة في القضاء، في مواجهةٍ يدفع ثمنها المودعون فقط، بينما وللمفارقة، تطلب الحكومة الاستماع الى الحاكم سلامة، "المُشتبه به" من قِبل فريق واسع في مجلس الوزراء، الاسبوع المقبل للاستنارة برأيه ووضع مقاربة للحل!
ألا تشكل هذه المكونات كلّها الخلطة القاتلة المؤدّية إلى الانفجار الاجتماعي والانهيار المعيشي والنقدي و"الدولتيّ" الذي نعيش اليوم، تختم المصادر.