Advertise here

مزارع شبعا وخارطة الطريق

30 نيسان 2019 06:35:00 - آخر تحديث: 04 أيار 2019 17:40:38

في 25 أيار 2000، تحرّر الجنوب اللبناني من الإحتلال الإسرائيلي. سقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر. هُزم.

إنسحب من لبنان دون ان ندفع ثمناً سياسياً!! منذ ذلك الوقت وبعد ترسيم الخط الأزرق على الحدود بيننا وبين دولة الإحتلال والإرهاب، والنقاش يدور حول مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل أيضاً والواقعة تحت إشراف قوات الـ " أوندوف " التابعة للأمم المتحدة منذ توقيع إتفاق فك الاشتباك بين سوريا واسرائيل بعد حرب الـ 73 فيما الجنوب اللبناني واقع تحت إشراف قوات الـ "يونيفيل " التابعة بدورها للأمم المتحدة.

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن منطقة مزارع شبعا معتبرة سورية بالنسبة إلى الأمم المتحدة وسوريا بتوقيعها على الاتفاق مع إسرائيل شملتها به ولم تكن إسرائيل آنذاك قد احتلت لبنان!!

وقع الخلاف في لبنان. النقاش كان يهدأ أو ترتفع وتيرته حسب التطورات السياسية والميدانية في الداخل وتطوّر أو توتّر العلاقات اللبنانية السورية التي بلغت حد التدهور والقطيعة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14/2/2005 وانسحاب الجيش السوري من لبنان لاحقاً بتاريخ 26/4/2005. يتجدّد النقاش اليوم وتتجدّد معه لغة التخوين والتهديد والشتيمة!

وكأنه ممنوع على أحد أن يناقش أو يقول كلمة علمية وموضوعية في أي شأن يهم اللبنانيين كلهم وليس فريقاً منهم دون آخر. أعود إلى مواقف دولية ومحلية حول الموضوع تؤكد ما قاله الزعيم الوطني وليد جنبلاط حول ضرورة تحديد وترسيم الحدود مع سوريا وإلا فإن الأمم المتحدة ستبقى تعتبر مزارع شبعا سورية وليست لبنانية وأشار في كلامه إلى تزوير في الخرائط. 

1 -  في كتابه "أدوار ومهمات في الحرب والسلم " الصادر عام 2012 يقول الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي واكب ورعى الإنسحاب الإسرائيلي ورسم "الخط الأزرق" ما يلي: "مزارع شبعا أكبر مشكلة تكسّر الرأس. اللبنانيون يدّعون أن أراض مزروعة قريبة من بلدة شبعا تعود لهم. الرئيس إميل لحود قدّم لنا خريطة تعود إلى عام 1966 تظهر أن المزارع تقع ضمن الأراضي اللبنانية. هذه الخريطة تتناقض مع 84 خريطة أخرى منها عشر مقدمة من الحكومات اللبنانية بعد الـ 1966 تؤكد كلها أن المزارع تقع ضمن الأراضي السورية وفي هضبة الجولان المحتلة  من قبل إسرائيل. حتى أن أوراق عملة لبنانية تظهر أنها سورية. طلبتُ من فريق عملي التدقيق في الخريطة. بالتأكيد تعود إلى عام 1966. لكن الحبر على خط المزارع فيها لم يكن قد جفّ بعد (جديد). أبلغت اللبنانيين أن هذه الخريطة مشكوك بأصليتها وهدّدت بإشهار ذلك علناً إذا سمعتهم يتحدثون عن الأمر مرة جديدة"! 

وأضاف: "المزارع تقع تحت إشراف الى "أوندوف" قوات الأمم المتحدة الدولية وإسرائيل يجب أن تعيدها ولكن إلى سوريا في إطار إتفاق سلام مع الأخيرة إلا إذا إتفق لبنان وسوريا أن المزارع لبنانية!! وهذ أمر لم يحصل حتى الآن"!

يعني في حسابات الأمم المتحدة المزارع سورية وليست لبنانية لتاريخه. 

2  -  في 2 آذار 2006 إنعقدت طاولة الحوار في المجلس النيابي بدعوة من الرئيس نبيه بري. وكانت جلسات مفتوحة إستمرت لأيام. بتاريخ 16/3/2006 أعلن الرئيس بري نتائج الاجتماعات وقال: "(...) على صعيد ما يتعلق بمزارع شبعا، فقد أجمع المتحاورون على لبنانية المزارع وأكدوا دعمهم للحكومة في جميع إتصالاتها لتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتحديدها وفق الإجراءات والأصول المعتمدة والمقبولة لدى الأمم المتحدة"!! الموقف واضح. يجب أن نثبت لبنانية المزارع أمام الأمم المتحدة، وفق إجراءاتها وأصولها المعتمدة والمقبولة. 

لم يفلح لبنان في انتزاع ورقة من سوريا تؤكد أن المزارع لبنانية ويتم الاتفاق بين الفريقين على ذلك، ساعتئذ وكما قال أنان على إسرائيل أن تعيدها إلى لبنان لتثبيت إنسحابها الكامل من أرضه استناداً إلى القرارين 425 و 426، والأمم المتحدة لم تغيّر رأيها القانوني الثابت في أن المزارع سورية وهي انتدبت قوات دولية تقيم في المنطقة. 

3  -  بعد مواقف كوفي أنان عام 2000 و2001 قال العماد ميشال عون - فخامة الرئيس اليوم - في عام 2002 لمحطة MTV  عن مزارع شبعا: "كذبة القول أنها جزء محتل. وأنا مسؤول عن كلامي. لا يمكننا تعديل الخريطة على مزاجنا. مزارع شبعا ليست لبنانية. حتى لو كانت الأرض لبنانية فهي مملوكة سورياً منذ زمن ولبنان سكت عنها. الحكومة اللبنانية لم تذكر مرة أن لديها أرضاً محتلة لتنفيذ القرار 242. على العكس قالت: أنا لست معنية بالقرار 242 وليس لدي أرض محتلة. فلا يمكن أن تتراجع وتتبناها بعد تنفيذ القرار 425 وتقول أن لديها أرضاً محتلة. وعلى افتراض أن سوريا تريد إرجاع الأرض لنا فلتتفضل وتعطينا وثيقة وفقاً للشرائع الدولية على أن هذه الأرض لبنانية، وتحدّد على الخريطة رقعة الأرض التي هي لبنانية في مزارع شبعا وعندها فلتترك لنا المقاومة شرف تحصيلها (هذا ما قاله عون). 

اليوم وبعد أن أيدت أميركا ضم الجولان لاسرائيل وبات الأمر نافذاً وواقعياً أمام عدم إكتراث الدول العربية وغيرها في ظل الموازين والمعطيات القائمة في المنطقة والمساومات والمناورات والبازارات المفتوحة على أرض سوريا، فإن مزارع شبعا المعتبرة سورية دولياً باتت في دائرة خطر الضم النهائي لإسرائيل. وقد قلنا هذا الكلام منذ زمن طويل وكررناه بشكل خاص بعد القرار الأميركي لذلك وفخامة الرئيس العماد عون هو في سدة الرئاسة وصاحب الرأي المذكور، فإن المسألة يمكن أن تعالج على القاعدة التي ذكرها ودعا إليها سابقاً كوفي أنان. فلا اللعب بالخرائط ينفع ويثبت خطأ، بل يشكل فضيحة، ولا العنتريات تلغي الوقائع الميدانية والقانونية خصوصاً (قوات "أوندوف" وغيرها في الأراضي السورية) ولا التخوين يحصّل حقوقاً ولا الاستقواء يعالج أمورنا ومشاكلنا. 

المطلوب: استراتيجية دفاعية دعا إليها الرئيس وكنا أول من قدّم مشروعه إلى طاولة الحوار عام 2006 واستندنا فيه إلى أن إسرائيل هي العدو ووضعنا الأسس التي يمكن اعتمادها لمواجهة خطره. وتسليم سوريا ورقة رسمية تثبت لبنانية المزارع. ويذهب لبنان إلى الأمم المتحدة لتحديد حدوده وفق الآلية المقبولة والمعتمدة لديها كما ورد في مقررات الإجماع التي اتخذت على طاولة الحوار وأعلنها الرئيس بري. 

هذه هي خارطة الطريق للوصول إلى خريطة تثبت حق لبنان. مع كل المحبة والتقدير لأهالي شبعا وكفرشوبا وكفرحمام والهبارية وغيرها من القرى في تلك المنطقة العزيزة الذين كنا منذ أيام المعلم الشهيد كمال جنبلاط المناصر الأول والوحيد في مرحلة معينة لهم ولا نزال حتى اليوم على أطيب العلاقات التي لا تهزها مواقف مارقة من هنا أو هناك.