Advertise here

اشتباك قضائي - مصرفي - سياسي غير محسوب النتائج

20 آذار 2022 22:05:31

تبدو الإجراءات التي اتخذتها القاضية غادة عون ضد بعض المصارف غير مفهومة، وقد تؤدي الى نتائج بالغة الخطورة، ومن هذه النتائج إرباك الحركة الاقتصادية وتعميم الشلل والتسبب بفوضى عارمة قد تطيح بالعملية الانتخابية. وسيؤدي المسار المعتمد في الحجز الانتقائي على ممتلكات البنوك الى حرمان المودعين من غالبية ودائعهم وإلى افلاس بعض المصارف، وقد يتفلت سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية من كل الضوابط، في وقت ترتبط معيشة غالبية المواطنين بالمصارف كوسيلة وحيدة لتأمين سيولة نقدية لهم، بمن في ذلك موظفو الدولة. كما أن مصاريف الحملات الانتخابية لا يمكن أن تحصل الا من خلال البنوك، وبشيكات مصرفية كما ذكر القانون رقم 44/2017.

وقاضية «القصر» كما يطلق على عون في وسائل الإعلام، أضفت ضبابية كبيرة على عمليات الحجز والتوقيف التي حصلت، لأنها معروفة بارتباطها السياسي مع فريق العهد الذي أوقف التشكيلات القضائية بسببها منذ 3 سنوات، والعهد على خصام مستجد مع حاكم مصرف لبنان ومع بعض أصحاب المصارف، وتقول مصادر عليمة متابعة إن ملاحقات عون تأتي غب الطلب، وهي مغلفة ببطانة قانونية، ولكن أهدافها سياسية بامتياز، وبطريقة متابعتها للملفات المطروحة تعطي شهادة للملاحقين أكثر مما تؤذيهم، وقد تؤدي الى تهرب بعض المرتكبين من المحاسبة، وتسبب ضررا لعامة المودعين وبالمصلحة العليا للدولة كما قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

يقول قاض متقاعد إن ما تقوم به القاضية عون هو من صلب مهام النيابة العامة المالية المؤتمنة على الحفاظ على أموال الدولة وعلى الانتظام المصرفي، ومدعي عام التمييز له الحق في طلب هذه الملفات وسحبها من يد القاضية عون بسبب الشك والريبة، وحفاظا على الاستقرار العام، لأن بعض الملاحقات تجري بحق عدد من المصارف، لأن منطق الحجز على ممتلكات المصرف يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حقوق كافة المودعين من هذه الحيازات وليس أصحاب الدعاوى المقدمة فقط، وغالبية هؤلاء من المقتدرين ماليا. وبيع ممتلكات المصرف بالمزاد لتسديد وديعة، يعني افلاسا غير معلن، وفي حالة الإفلاس يتم توزيع موجوداته على العملاء، وهذه الموجودات قد لا تساوي أكثر من 20% من الودائع. والقاضية عون وبعض مأموري التنفيذ يعتمدون طرقا قانونية بالملاحقات لتحصيل حقوق شخصية، ولكنهم بهذا يسببون خطرا على مصالح عامة اللبنانيين، والعدالة لا يمكن أن تكون انتقائية، بمعنى أنها تنصف صاحب حق على حساب حقوق أشخاص آخرين.

الرأي العام يتفاعل مع الحدث القضائي الأخير كأنه محاولة جديدة لتطيير الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في 15 مايو القادم. والتلاعب بالقطاع المصرفي وبسعر الصرف قد يؤدي الى فوضى ماحقة تطيح بالعملية الانتخابية وتعرقل تنظيمها.

الحكومة اللبنانية مطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد للتلاعب بمصير البلاد خدمة لأهداف حزبية أو شخصية، وفي اجتماعها الأخير لم تحدد الحكومة بشكل واضح الخطوات التي ستعتمدها لضبط الأوضاع، واكتفى رئيسها نجيب ميقاتي بمسك العصا من منتصفها بإعلانه عن حماية استقلالية القضاء رغم الشعبوية التي يمارسها بعض القضاة، وبالحفاظ على القطاع المصرفي في ذات الوقت.

بعد إعلان افلاس بنك انترا في العام 1966 أقدمت الحكومة على تأمين سيولة للمصارف المتعثرة لسداد الودائع الصغيرة. وفي الحالة الراهنة، الحكومة ومجلس النواب ملزمون بتوفير بيئة مناسبة لضمان الاستقرار المالي وحماية الودائع، لأن غالبية أرصدة البنوك موظفة لديها بسندات خزينة، وقد تمنعت الدولة عن سدادها او دفع فوائد عليها منذ 20 مارس 2020 من دون أن تقدم أي حلول بديلة. ولا يتحمل الوضع الحالي أي نوع من أنواع المغامرات القضائية غير المحسوبة، ويكفي ما أصاب القضاء من تعثر في تحقيقات انفجار المرفأ.