Advertise here

المرأة أمام تحديات عصرية

15 آذار 2022 08:59:54

يوم المرأة العالمي في 8 آذار/ مارس 2022 يختلف في بعض الجوانب عن سوابقه من الأعوام المنصرمة، ذلك أن تحديات إضافية تواجه النساء أضفت هموماً جديدة على المرأة بدل أن تساعدها على تجاوز المصاعب الموروثة. ولعل أبرز هذه الهموم المعوقات التي مازالت تحول دون وصول المرأة إلى قناعة بأن ما يتوافر من لوائح تشريعية ومن نمطية في الاجتماع السياسي لا يخدم طموحاتها، كما أن الحروب والاضطرابات تتحامل على المرأة أكثر من الرجل في تحميلها أثقال هموم الترمل والتشرد والاضطهاد.

 

 

قال النبي العربي الكريم: «أوصيكم بالنساء خيراً»، ولا ترى أغلبية النساء في منطقتنا العربية أنهن يتمتعن بالرعاية الكافية، وقد تغافل القيمون في أقطار كثيرة عن وصية رسول الله، أو أنهم لا يتذكرونها سوى إبان الأزمات والمحن، أو في فترات الانتخابات التي تغلب عليها السمات الذكورية. وتقول الناشطة الحقوقية العراقية هناء أدور رئيسة «جمعية الأمل»: «إن الصراع السياسي والتنافس الحزبي على دور المرأة تسبب في إضعافها ونزع منها القدرة على اتخاذ القرار. وتلك المقاربة تصح في العديد من الدول التي تجري فيها العملية الانتخابية وفقاً «لكوتا» محددة تخصص مقاعد للمرأة في البرلمانات أو في المؤسسات السيادية والإدارية أو على مستوى القيادة في المنظمات الحزبية».

 

إن الأثقال التي تتحملها المرأة من جراء رعاية الأطفال في الظروف القاسية كبيرة جداً، وقد فرضت الحروب أوضاعاً قاهرة جعلت من المرأة ضحية تحمي ضحايا آخرين، ويمكن إدراج ما جرى في العراق كمثال على الويلات التي قاستها النساء منذ أكثر من أربعة عقود، وقد فقد العديد منهن أزواجهن في الحروب المتتالية، كما كانت النساء والفتيات ضحايا السبي الذي حلّ بوحشية في فترات مختلفة على يد المنظمات الإرهابية المتطرفة، لا سيما على أيدي مجرمي مجموعات «داعش» شمال غربي العراق، وخصوصاً في مناطق الأقلية الإيزيدية. 

 

وتقول تقارير صادرة عن الأمم المتحدة إنه في العراق يوجد أكبر عدد من النساء الأرامل على المستوى العالمي قياساً لعدد السكان، على الرغم من أن المرأة فيه حظيت ببعض الحقوق المميزة، منها تخصيص «غوتا» نسائية في البرلمان.

 

أسهم تزايد الوعي عند أجيال الشباب من الجنسين في تخفيف وطأة بعض التقاليد العشائرية الجافة، وكان للتكنولوجيا الحديثة التي فرضت نمطية جديدة من التواصل الاجتماعي بين الناس دور مهم في زيادة منسوب الوعي الاجتماعي، على الرغم من أن الفوضى في استخدام الإعلام أنتجت بعض المشكلات التي لم تكن مطروحة في السابق، وتضاعفت معها حالات الطلاق في العديد من الدول، كما زادت الشرخ بين الفئات العمرية، بعد أن كان التعاون بين هذه الفئات أكثر مما هو عليه اليوم، لأن حاجة المراهقين والمراهقات إلى الإرشاد والتبصر من الأكبر منهم سناً تضاءلت، ويعتقد هؤلاء أنه أصبحت لديهم القدرة للوصول إلى أي معلومة من دون الرجوع إلى الاستعانة بخبرات الأهل، أو ذوي الاختصاص والأكثر خبرة.

 

على الرغم من كل ذلك، فإن المديرة العامة للمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) أودري آزولاي، قالت إنه «على الرغم من التقدم الذي أنجز، ما زال 127 مليون فتاة عبر العالم بعيدات عن التعليم ولم يدخلن المدارس كما يجب، كما أن ثلثي عدد النساء البالغات في العالم واللواتي يقدر عددهن ب750 مليون أمرأة يعانون الأمية الكلية أو الجزئية». وهذا يفرض على الحركات النسائية تركيز الجهد على المطالبة بتوفير بنية تحتية ملائمة لكل نساء الأرض، تساعدهن على تقليص الفوارق بين الوضعية الاجتماعية التي تعيشها نساء العالم، بما في ذلك المطالبة الملحّة بتطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية لمنع كل أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، واعتبار الحق في الانخراط في العمل السياسي وفي تولي المهام القيادية مسألة طبيعية ولا تعتمد على نمطية التخصيص (أي الغوتا)؛ لأن هذه النمطية تكرس الفوارق وعدم المساواة بدل أن تلغيهما.

 

ومن المفيد بمناسبة يوم المرأة العالمي، التذكير بتجارب نسائية رائدة حصلت في بعض الدول العربية، تفوقت فيها المرأة على الرجل في بعض الأعمال، ومنها تجربة نساء رائدات في مجال الأعمال والتمكين السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي دور المرأة في سلك القضاء في لبنان، حيث زاد عددهن على عدد الرجال، على الرغم من أن دخول السلك القضائي يحصل عن طريق المباراة العلمية المجردة من أي واسطة.

 

8 آذار/مارس 2022 محطة تحدٍ مختلفة أمام المرأة لإثبات جدارتها الموصوفة، وللمطالبة بتخفيف المآسي التي تعيشها، دون أن تكون حقوقها منة من أحد.