Advertise here

لبنان أمام مرحلة حساسة اقتصادياً: المشكلة شحّ الدولار... وهذا الحل!

10 آذار 2022 16:44:00

سيناريو سيئ يتوقّع حدوثه في لبنان نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية. فارتفاع الأسعار والتخوّف من فقدان السلع والمواد الأساسية، أرفق بعودة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بعد استقراره في حدود الـ 20000 ليرة في الشهرين الماضيين. كذلك، الاقتصاد المنهك بحاجة إلى ضخّ دولارات، على الأقلّ لدعم السلع الحيوية، في حين أن مصرف لبنان عاجز عن تأمين المبالغ اللازمة بالعملة الصعبة لهذا الغرض، مقابل عدم قدرة المواطنين على تحمّل ارتفاع إضافي في الأسعار. هذا من دون أن ننسى جشع التجار واستغلالهم كل فرصة لرفع أسعارهم، وسط حكم طبقة فاسدة للبلد مستعدة لزيادة مأساته على حساب مصالحها وحماية مقاعدها. وفي ظلّ هذا المشهد المأسوي، ما من بوادر حلحلة توحي بإمكانية وقف الحرب، فما مصير لبنان اقتصادياً؟  

الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يشرح لـ "المركزية" أن "الاستخدام الأكبر لسعر صرف الدولار يكون في الاستيراد والتصدير. وكي نتحدّث عن سعر صرف يفترض توفّر السيولة بالليرة اللبنانية لشراء الدولارات، أو العكس. لكن، من يمتلك الليرة في السوق؟ هم التجار في الدرجة الأولى أما المواطنون العاديون فلا سيولة كافية بالليرة لديهم، خصوصاً وان عددا كبيرا منهم اشترى الدولارات بما توفر لديه من ليرة، ما يعني أن الجهة القادرة على المضاربة على العملة الوطنية هي التجار فقط لا غير بواسطة الصراف، مع العلم أنه يعتبر أيضاً تاجرا (تاجر للعملة)". 

ويتابع "لطالما اتّخذ التجار موضوع سعر الصرف شمّاعة بحجة رفع أسعار سلعهم، وهذا الأمر استغلّ في الفترة الماضية بشكل كبير، إذ بمجرّد ارتفاع سعر صرف الدولار تحلّق الأسعار وعندما ينخفض لا تتأثّر الأسعار". 

ويلفت عجاقة إلى أن "عادةً، عندما تكون السلطات عاجزة عن اتّخاذ أي خطوة رادعة، وهذه حال لبنان، تحاول لفت الأنظار عبر خلق مشكلة أو تحويل الانتباه إلى ملفّ آخر، وهذا ما يحدث في موضوع الدولار، والتجار تمكّنوا من القيام بذلك، فيستفيدون من رفع الأسعار، ومن جهة أخرى لم يعد المواطن متنبّها إلى أن على السلطة تأمين الأمن الغذائي له، إذ تبرر المشاكل بأن مصدرها سعر الصرف، بينما السبب في مكان آخر وهو خلوّ السوق من الدولارات"، موضحاً أن "قيمة الكتلة النقدية المتداولة في السوق تبلغ 30 تريليون ليرة معظمها بين أيدي التجار والصرافين بشكل أساسي، إلى جانب وجود جزء منها لدى المصارف طبعاً ومصرف لبنان. لذلك، مصرف لبنان قادر على شراء هذه الكتلة أي سحب كلّ العملة الوطنية من السوق وضخّ مليار و300 مليون دولار حسب سعر الصرف الحالي، ما يلغي وجود مشكلة الصرف. مقابل هذه الفرضية، لا دولارات كافية للاستيراد وهذه ليست مشكلة مصرف لبنان بل الحكومة التي من مسؤوليتها تأمينها، في حين أنها عاجزة عن ذلك لأن البلد بحاجة إلى إدخال العملة الصعبة من الخارج وهذا غير ممكن إلا عبر صندوق النقد الدولي والدولة غير قادرة على الاتفاق معه". 

ويرى عجاقة أن "العراضات بأن الحكومة اجتمعت لاتّخاذ إجراءات تحافظ على الأمن الغذائي ولشراء القمح وغيره لن تجدي نفعاً لأن السؤال الجوهري: هل لدى لبنان المال الكافي لشراء السلع الضرورية؟ هذا التحدي الأساسي المفترض حلّه في المرحلة المقبلة واليوم الحلّ في الجوهر هو كيفية تأمين الدولارات للاستيراد، وللأسف طريقة التعامل مع صندوق النقد تبثّ مخاوف اذ لا يبدو ان الاتفاق سيرى النور، وفي هذا الوقت قدرة الاستيراد ستتراجع أكثر فأكثر. المشكلة الجوهرية وسط الأزمة الأوكرانية تتمثّل بارتفاع الأسعار وسيكون لها تداعايات على المواطن إذ سترتفع الكلفة إلزامياً مقابل نفس الكمية والنوعية، لذا هذا الواقع شديد الخطورة وبحاجة ملحة إلى حلّ". 

أوّل خطوة لتنفيذ الحل يجب أن تترجم بتعيين خلية وزارية، حسب عجّاقة، الذي يشير إلى أن "همّ هذه الخلية الأساسي يجب أن يكون متابعة الشق المعيشي وملاحقة التطورات ساعة بساعة لمواكبة المرحلة الاستثنائية. وتأكيد بعض الوزراء بان ما من أزمة غذائية غير دقيق، إذ يكفي دخول السوبرماركت لنفي هذه الأقوال حيث لا توجد كلّ الأصناف وإن وجدت فاسعارها مخيفة. وعلى الخلية هذه تسلّم مهمة ثانية أساسية هي محاربة الاحتكار، لا سيما على الصعيد الغذائي، مع منع التهريب المستمر حتى اللحظة، وهذا الأمر بحدّ ذاته سيخفف الطلب على الدولار بنسب كبيرة. كما يفترض التواصل مع الجهات الخارجية لبحث إمكانية تأمين المساعدات. توازياً مع هذه الخطوات، على الحكومة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لإدخال الدولارات إلى البلد". 

وإذ يرى عجاقة أن "المرحلة المقبلة شديدة الحساسية"، يتوقّع "خروج الأمور عن سيطرة الحكومة ولن يبقى في الساحة إلا الجيش اللبناني، لذا من المرجّح أن يكون لهذه المؤسسة دور جوهري في عملية ردع المخالفات والتجاوزات ومن المرجّح أن تكون الرقابة صارمة على هذا الصعيد لأن الفلتان يعمّ السوق بكل ما للكلمة من معنى".