Advertise here

الرئاسة ليست خارج دائرة الإستهداف!

05 آذار 2022 09:11:33

نشيط هو المكتب الإعلامي في الرئاسة الأولى. وتيرة البيانات شبه يوميّة يقطعها بين الحين والآخر تغريدة للرئيس من هنا أو هناك. لا ضير في ذلك إذا كان هدف رأس الهرم مخاطبة شعبه لا سيّما حيال الأحوال السيئة التي يعيشها هذا الشعب في عهده ونتيجة سياساته.

ولكن غالباً ما تتمحور التصريحات المنسوبة إلى رئيس الجمهوريّة حول المواقف الدفاعيّة المتصلة بالصلاحيّات. بدأ العهد بصراع طواحين الهواء حول الصلاحيّات وها هو يشارف على الإنتهاء والهوس بقضيّة الصلاحيّات، التي لا يسعى أحد الى إنتزاعها منه إلا في الأحلام والقلق الليلي، لا يزال يفعل فعله.

إستعادة الصلاحيّات، إستعادة الحقوق المسلوبة، إستعادة الدور المشرقي الموهوم، وسوى ذلك من الشعارات التي بُنيت خصيصاً للاستهلاك الشعبي (والاستعلاك إذا صح التعبير لغويّاً). معارك وهميّة طاحنة بدّد العهد من خلالها حالة شبه الاجماع التي أتت به إلى قصر بعبدا (طبعاً إذا وضعنا جانباً سياسات التعطيل التي إمتدت على مدى عامين ونصف واستهلكت 43 جلسة نيابيّة أُفقدت النصاب عن سابق تصميم وإرادة).

المهم إنتُخب الرئيس في نهاية المطاف وحقق حلمه بعد ثلاثة عقود وجلس على كرسي الرئاسة وإلتقط الصور التذكاريّة بعد أن زيّن صدره بالوشاح الأحمر والنياشين، وأضيئت حديقة القصر وعادت نافورة المياه لتنعش الباحة الخارجيّة، وتناوب على حراسة المدخل أفضل العناصر تدريباً ذهاباً وإياباً من دون كلل أو ملل (كان الله في "عونهم" بالمناسبة).

لكن مظاهر الدولة الجميلة تكاد لا تتعدّى أسوار القصر الجميل الذي يشرف على عاصمة يغطيها التلوث جرّاء الانبعاثات المتزايدة من المولدات التي توفر طاقة بديلة عن تلك التي لم ينجح وزراء الرئيس، بقيادة صهره المفضّل، في تأمينها على مدى أكثر من عشر سنوات، لا بل لقد كبّد هؤلاء خزينة الدولة خسائر تفوق الـ 40 مليار دولار أي ما يكفي لبناء نحو 20 معمل إنتاج! كما رفضوا كل العروض التي وصلتهم من الصناديق العربيّة لتوفير تمويل طويل الأجل بفوائد ميسّرة وفترات سداد طويلة، وأعطوا دروساً لكبريات الشركات الألمانيّة في كيفيّة توفير الطاقة!.

"الرئيس القوي" لم ينجح في جمع أقطاب البلاد على طاولة الحوار الوطني، ليس لأنهم لا يريدون الحوار، بل بسبب إنحيازه المسبق الى البعض منهم وإسقاط فرص ممارسة دوره من خلال إختيار مسافة واحدة من الجميع. "الرئيس القوي" لم يستطع أن يفي بوعده الذي قطعه للبنانيين بأنه سيستأنف النقاش المنتظر حول الخطة الدفاعيّة، لا بل إلتزم بأدبيّات محور الممانعة في الكثيرمن المنعطفات أو إكتفى بإصدار مواقف باردة ومكررة لم تعد تنفع لمعالجة الأزمات المتفاقمة في العلاقات اللبنانيّة - العربيّة بشكل غير مسبوق.

من تغريدات الرئيس الدفاعيّة عن الصلاحيّات، ثمّة عبارة "جوهريّة" تقول بأن "الرئاسة خارج دائرة الاستهداف". لو أن الرئيس اللبناني يشغل منصباً بروتوكوليّاً أو رمزيّاً مثل ملكة بريطانيا لكان من الممكن القبول بهذا الطرح، ولكن طالما أنه رئيس السلطة التنفيذيّة يرأس جلسات مجلس الوزراء عندما يحضر إجتماعاته، ويصدر البيانات والمواقف دفاعاً عن صلاحيّاته ليل نهار، فهذا يعني أنه منغمس في اليوميّات السياسيّة، ومن ينزل إلى السوق للبيع والشراء، عليه أن يتحمّل التداعيات.

إذن، الاستهداف والإنتقاد ممكن ومتاح طالما أن اللبنانيين لا يزالون يعيشون تحت مظلة نظام ديموقراطي حتى إشعار آخر. ضمن الأصول الأدبيّة، ليس هناك ما يمنع إستهداف الرئيس. فليكن صدرك رحباً يا فخامة الرئيس!