البطاقة التمويليّة: اللبناني بلا "دعم"؟

04 آذار 2022 17:06:44

وصل اللبنانيّون إلى حالة غير مسبوقة من الفقر والعوز نتيجة الأزمة الاقتصادية التي فاقمت الشرخ بين الطبقات ونكاد نقول إنّها قضت على الطبقة الوسطى. هذه الحالة غير المسبوقة تحتاج إلى خطوات غير مسبوقة من قبل الدولة، ولكنّ دولتنا غابت عن معاناة اللبنانيين منذ بدء الأزمة. 

فمع تسارع الانهيار، بدأ الحديث عن بطاقة تمويليّة كطريقة لمساعدة اللبنانيين على تحمّل محنتهم. إلا أنّ كثر لم يأخذوا إمكانيّة الحصول عليها على محمل الجدّ خصوصاً مع المماطلة التي شهدها الملّف. فمنذ حكومة حسان دياب والأخذ والردّ لا يتوقّف بين من يقول إنّه من المستحيل أن تبصر النور وبين من يعوّل عليها وتحديداً بعد انطلاق المنصة والإقبال الكثيف على التسجيل. فهل حقًّا ستبصر البطاقة النور منتصف الشهر كما يُحكى؟ أم هل من معوّقات أمامها؟ 

يؤكّد مصدر متابع في وزارة الشؤون الاجتماعية، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة، أنّه "من المفترض في منتصف آذار كحدّ أقصى أن يبدأ الدفع عبر البطاقة التمويليّة، وهذا الأمر سيحصل على دفعات. فكلّ مجموعة من العائلات التي تمّت زيارتها والموافقة على منحها الأموال سيتمّ التواصل معها عبر sms يتضمّن المبلغ الذي ستحصل عليه العائلة لأن ذلك يختلف بحسب عدد أفرادها". 

ويشرح المصدر: "شبكة دعم تشمل برنامجين هما برنامج أمان والبطاقة التمويليّة والتسجيل الذي استمرّ لمدّة شهرين هو للبرنامجين معاً. وفي المرحلة الأولى سيتمّ تنفيذ برنامج أمان والسبب أنّ تمويله الذي يبلغ 246 مليون دولار موجود ومؤمّن من قبل البنك الدولي". ويُضيف: "عمليّة اختيار العائلات المؤهلة للاستفادة أُجريت، وقد بدأت الزيارات المنزليّة لهذه العائلات وذلك من أجل التأكّد من المعلومات التي قُدّمت في الاستمارات"، مشيراً إلى أنّه "سيتمّ إجراء زيارات منزليّة إلى مئتي ألف عائلة وسيتم إختيار 150 ألف عائلة للاستفادة من برنامج أمان المخصّص للعائلات الأكثر فقراً، أمّا البطاقة التمويليّة فيستفيد منها الأقلّ فقراً". 

في المقابل، يقول رئيس جمعيّة حماية المستهلك زهير برّو لـ"الأنباء"، معلّقاً: "طرحنا البطاقة التمويليّة منذ حوالى السنتين و"لليوم تفاقو عليها". ويُحذّر برو من أن عدم ارتباط هذه البطاقة ببرنامج اقتصادي متكامل ستكون نتائجه غير مرضية ولن يعطي النتيجة المرجوّة ولن يجدوا تمولاً للبطاقة لأكثر من سنة، "حتى أنّهم قد يضطروا إلى إيقافها قبل سنة" يلفت الأخير. ويُشير إلى أنّه "من الضروري أن ترتبط البطاقة التمويليّة ببرنامج اقتصادي متكامل يقدّم خطة تعافٍ ومشروعاً متكاملاً للبلد كي يتمّ تأمين وظائف عمل للمواطنين إذ لا يجوز أن يتمّ تحويل الجميع إلى عاطلين من العمل وإعطائهم بطاقات تمويليّة". 

أمّا في ما يخصّ تمويل البطاقة، فيقول المصدر: "المفاوضات مع البنك الدولي جارية بشكل سريع منذ أكثر من شهرين لأنّه سيكون هو المموّل أيضاً لهذه البطاقة. والمفاوضات أصبحت في مراحل متقدّمة لأنّ عدد العائلات التي هي بحاجة للاستفادة من هذه البطاقة أصبح معروفاً نوعاً ما. وعلى هذا الأساس ستطلب الدولة مبلغاً معيّناً كي تستطيع تأمين المساعدات للعائلات". 
كذلك يعتبر برّو أنّ "التمويل متوفّر لسنة". إلا أنّ الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة يجزم، لـ"الأنباء"، ألا تمويل حتى الساعة للبطاقة التمويليّة. ويقول: "لم يتمّ الاتفاق مع أحد لتمويلها ولذلك أغلب الظنّ أنّه في حال إطلاقها سيتمّ تمويلها إمّا من مصرف لبنان أو من حقوق السحب الخاصة بلبنان". وفي موضوع التفاوض مع البنك الدولي حول تمويلها، يُشير إلى أنّه "يمكن للبنك الدولي أن يكون قد وضع شروطاً إصلاحيّة معيّنة من أجل التمويل، وفي المقابل الحكومة غير قادرة على تحقيقها"، معتبراً أنّ "المخاوف الأساسيّة هي أن تتحوّل هذه البطاقة إلى بطاقة انتخابيّة". الأمر الذي يشدّد عليه برو، قائلاً: "لا ثقة بالطبقة الموجودة ومهما فعلت لن يصدّقها المواطنون، وسيتمّ التلاعب بهذه البطاقة وستُستغلّ في الانتخابات، فمن المعتاد في لبنان أن يتمّ استغلال المال العام من أجل النفوذ". 

وفي هذا السياق، كثر أيضاً يعتبرون أنّ هذه البطاقة ستكون بطاقة انتخابية، نسأل المصدر. فيُجيب: "يتحدثون عشوائيًّا عن ذلك ولكن لو أنّهم يتابعون التفاصيل بدقّة أكثر لعلموا أنّه لا يمكن لأحد أن يستعملها لا انتخابيًّا ولا مناطقيًّا ولا طائفيًّا ولا بأيّ طريقة أخرى". ويعزو السبب إلى أنّ التسجيل كان ممكنناً على المنصة وكذلك عمليّة اختيار العائلات التي ستستفيد حصلت بطريقة مُمكننة. ويُتابع: "لا يمكن لأحد أن يدخل إلى هذه المنصة أو أن يحصل على أيّ من المعلومات. والبنك الدولي يراقب كلّ ما يحصل خطوة بخطوة إذ يريدون أن يكونوا حريصين على أنّ الأموال ستُصرف بالطريقة الأمثل"، خاتماً: "لا يمكن على الإطلاق أن تكون بطاقة انتخابية وقد تزامن إطلاقها صدفة مع موعد الانتخابات". 

إذاً، على ما يبدو لا شيء واضحاً بعد بين التمويل وعدمه. فهل ستبصر البطاقة النور؟ أمّ أنّه كما العادة في لبنان لا شيء مُستبعد، فيبقى المواطن بلا "دعم" و"أمان"؟