Advertise here

عرض هوكشتاين للترسيم "المتعرج".. وتملص عون وباسيل من الروس

04 آذار 2022 08:24:58

كانت سريعة الاستجابة الأميركية للموقف اللبناني الموالي للمواقف الغربية في إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا: حركة ديبلوماسية لافتة في اتجاه قصر بعبدا، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب.

حدود عون وباسيل

فالسفيرة الأميركية دوروثي شيا زارت القصر الجمهوري والتقت الرئيس ميشال عون، الذي تلقى بعدها اتصالًا من مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط فيكتوريا نولاند. حركتان أميركيتان قد توحيان باستئناف بوادر تحسين العلاقة مع عون، إلى جانب تسلّم لبنان رسالة خطية من المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين حول ملف ترسيم الحدود.

وتكشف مصادر أن الرسالة تضمنت نصًا شدد فيه هوكشتاين على استمرار الاستعداد الأميركي للتعاون مع لبنان في سبيل إنجاز ترسيم حدوده.

وتشير الرسالة إلى أن الوضع العالمي يمرّ في أزمات صعبة على صعيد الطاقة والغاز. لذا يجب الإفادة من الوقائع لإنجاز ترسيم الحدود، وسط استعداد أميركي لمساعدة لبنان في ذلك، والبدء بعمليات التنقيب، ولو اقتضى ذلك أن تساعده أميركا تقنيًا بواسطة شركات متخصصة. وينسجم مضمون الرسالة مع الموقف اللبناني المتلاقي مع الأميركيين والغرب في الموقف من روسيا. وهذا انعكس سلبًا على علاقة رئيس الجمهورية ورئيس التيار العوني بموسكو.

خط هوكشتاين
وتتضمن الرسالة خريطة رُسم عليها الخطّ الأميركي المقترح اعتماده في عملية الترسيم، على أن يعد لبنان ردًا موحدًا في شأن هذا الخطّ. فمبدأ الترسيم لا يختلف عليه أحد في لبنان من الرؤساء والمسؤولين، لينحصر الخلاف على طريقة المفاوضات وإدارتها، إضافة إلى الإجماع على رفض أي عملية تقاسم حقول مشتركة مع إسرائيل، أو اعتماد شركات تنقيب مشترك.

ويشير الخطّ إلى التعرج الذي اقترحه هوكشتاين في زيارته الأخيرة، إنطلاقًا من اعتماد الخطّ 23، ليحصل لبنان على حقل قانا كاملًا. مقابل اقتطاع مساحة لبنانية من المياه الخالية من الثروة النفطية. وبناء عليه، تتراوح المساحة المقترحة للبنان، أكثر أو أقل بقليل من 860 كلم مربع. وهذا ما يعتبره الأميركيون تفصيلًا، طالما أن المساحة المقتطعة خالية من حقول نفطية.

رفض حزب الله 
وكان حزب الله رفض هذا الاقتراح على لسان النائب محمد رعد، حين قال إن الغاز اللبناني يبقى مدفونًا في المياه اللبنانية إلى أن يتمكن لبنان من منع إسرائيل من المساس بقطرة ماء واحدة. وتصريح رعد هذا دقيق جدًا: استخدم عبارة قطرة ماء، لا قطرة نفط. والمقصود هنا الردّ على محاولة اقتطاع مساحة من المياه اللبنانية، التي يعدها هوكشتاين غير مهمة لخلوها من النفط.

ولا يزال حزب الله يرفض هذه الصيغة، رغم من إعلانه الوقوف خلف الدولة اللبنانية في أي قرار تتخذه بشأن الترسيم. لذا يفترض برئيس الجمهورية التشاور مع الرؤساء ميقاتي وبري ليعطي جوابًا موحدًا. وإذا كان هو من يبرم الاتفاقات الدولية بناء على صلاحياته في الدستور، فإن أي اتفاق يحتاج إلى إقراره من الحكومة والمجلس النيابي. وهذا ينتظر بلورة تسويات سياسية في المنطقة، تنعكس على الداخل اللبناني.

باسيل بين موسكو وواشنطن وطهران 
وفي قراءة هذه التطورات السياسية، أراد لبنان منح أميركا مواقف تعزز علاقته السياسية بها. ويرى عون وباسيل أن رصيدهما تعزز أميركيًا في هذه المرحلة. وهذا بناءً على تقديرهما أن الحملة الدولية على روسيا ومحاولات عزلها، ينعكسان سلبًا عليها وعلى وضعها وحلفائها في الشرق الأوسط، وخصوصًا في سوريا وحلفاء نظامها الذي يتضرر سياسيًا واقتصاديًا. ولا ينفصل ذلك عن رهان عوني- باسيلي على اتفاق إيراني أميركي ينجز في الأيام المقبلة. وهذا يحسِّن علاقة باسيل بواشنطن، مع احتفاظه بعلاقة جيدة بطهران.

وتعود علاقة باسيل المتضاربة بالروس والأميركيين إلى سنوات. فعندما كان وزيرًا للطاقة زار موسكو والتقى مسؤولين فيها، فوعدهم بتوقيع عقود التنقيب عن النفط والغاز وبمعاهدات عسكرية في تلك الفترة التي تمتد بين العام 2009 و2011، وتصل إلى العام 2013. واكتشف الروس في ما بعد أنه كان يتفاوض مع آموس هوكشتاين، الذي عُين بعد فريدريك هوف مفوضًا في إدارة ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.

واكتشف الروس أن باسيل يقدم الالتزام تلو الآخر لهوكشتاين، ويلعب على أكثر من حبل ويسير بين متناقضات، من دون أي اتفاق حقيقي معهم. كان يقول لهوكشتاين: لا تراهن على الرئيس نبيه برّي ودوره في مفاوضات الترسيم. ولما يصل عون إلى رئاسة الجمهورية، نستطيع أن نفعل ما نريد، بالتعاون مع رئيس الوزراء الذي نأتي به. واليوم يكرر باسيل فعلته مع الروس.