Advertise here

وليد جنبلاط خط الدفاع الأخير عن الدولة

03 آذار 2022 17:33:29

بدأنا نشعر بحماوة المعركة الانتخابية مع اقتراب موعد إقفال باب الترشيحات في 15 من الشهر الجاري، وبدأ التداول بالأسماء واللوائح، ووُضعت الماكينات الانتخابية في حالة التأهب القصوى.

 وفي لحظة من لحظات حلم اليقظة توهّمنا بأنّ خيار الناخب سيكون بين الجيّد والأفضل، أو بأنّه سيدلي بصوته لمن يحمل المشروع الإنقاذي الأفضل.
لحظة الحلم تلك لم تدم طويلاً، حيث يصفعنا الواقع المرير لنعود إلى اليقظة لندرك بأنّ الخيار هو بين من يريد الدولة ومَن يعمل لزوالها.

لم يعد الأمر يقتصر على حقوق طائفة أو فئة، لا بل أصبحت المسألة متعلّقة بحقوق شعبٍ بأكمله وبلدٍ برمّته. فالمستهدف الأول هي الدولة اللبنانية بحدودها ومؤسّساتها ومقدّراتها وسياساتها وحضارتها وثقافتها.
فالواقع الداخلي معطوفاً على الوضع الإقليمي والدولي يجعل لبنان في مهب رياحٍ تغييرية عاتية، وقد أسدلت سفن القوى الشمولية والإلغائية أشرعة سفنها كي تستغل تلك الرياح لغزو المنطقة، ولتبسط سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الشرق الأوسط الجديد الذي يُخطّط له في مراكز القرار الدولية.
لذلك نرى حزب الله يدير المعركة الانتخابية بيدٍ من حديد لا تقبل بالمساومة مع أتباعه، بل تفرض التحالفات بين الأضداد وتلجم الأطراف المتصارعة المحسوبة على خط "الممانعة" خدمةً للهدف الأسمى وهو إحكام السيطرة على مجلس النواب المنتظَر الذي بدوره سينتخب رئيس الجمهورية المرتقَب في نهاية السنة الحالية، وما يترتب على ذلك من نتائج وتبعات. 
مقابل ذلك نرى القوى السيادية الداخلية مبعثرةً، على الرغم من توحّدها حول فكرة الحفاظ على كيان الدولة اللبنانية. ومما لا شك فيه أنّ إنهاء دور الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل شكّل ضربةً موجعةً لهذه القوى. فإقصاء التيار السنّي المعتدل عن الانتخابات القادمة شكّل سقوطاً لخط الدفاع الأول عن الدولة اللبنانية، نظراً لأساس الدور الذي تلعبه الطائفة السنّية الكريمة في الحفاظ على لبنان الدولة.

ما ذُكر أعلاه دفع حزب الله وأتباعه لإعداد العدة لخوض معركة تحجيم باقي القوى السيادية، وعلى رأسها الزعيم وليد جنبلاط، كونه يمثل عقبةً أساسية أمام النهج الإلغائي الذي يمارسه هذا الحزب، والذي يسعى من خلاله إلى تحقيق أجندة أهدافه المرتبطة مباشرةً بالمشروع التوسّعي الإيراني.

لماذا وليد جنبلاط؟
لطالما كان إيمان وليد جنبلاط بالدولة إيماناً مطلقاً، فهو الذي يذكّر في كل مناسبة، وعند حدوث أي أزمة، بأنّ مرجعيّتنا هي الدولة فقط. فكم من تنازلٍ قدّمه من أجل الحفاظ على الدولة. وكم من قرارٍ غير شعبي اتّخذه فقط من أجل التأكيد على أن الهدف الأسمى هو بقاء الدولة.

ألَم يكن إيمان وليد جنبلاط بالدولة هو الدافع الأول لحصول مصالحة الجبل التاريخية، التي شاركه بها الراحل الكبير غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير؟
وهل من أحد ليُغفل دور وليد جنبلاط المحوري في ثورة 14 آذار، والتي كان هدفها الأول هو بناء الدولة الحرة السيّدة المستقلة؟
ومَن باستطاعته إنكار دور وليد جنبلاط، والحزب التقدمي الإشتراكي، في تأكيد عروبة لبنان، والحفاظ على الصيغة الوطنية الجامعة التي تكرست في اتفاق الطائف؟
إنّ الحملة المبرمجة التي يقودها حزب الله وأتباعه ضد وليد جنبلاط لا تستند فقط لكون زعيم الجبل معارضاً عنيداً لمشروع هذا الحزب، أو لكونه يتمتع بالخبرة والذكاء الذي يجعله عقبة رئيسية أمام تحقيق مشروع "الممانعة". لا بل لأنّهم يعلمون جيداً بأنّه إذا سقط وليد جنبلاط سقطت الدولة اللبنانية. 
ليس في الأمر مبالغة أو مغالاة، بل هي حقيقة يفرضها الواقع والتاريخ. 

الهدف هو الدولة اللبنانية، فحذارِ من سقوط خط الدفاع الأخير.
 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".