Advertise here

الراعي: لبنان يشكل نموذجا في الإعتراف بالحريات العامة المدنية

26 نيسان 2019 17:24:56

استقبل البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم في الصرح البطريركي في بكركي، بطريرك طائفة الأرمن الكاثوليك غريغوريوس بطرس العشرون غبرويان على رأس وفد من الكهنة في زيارة لتقديم التهنئة بعيد القيامة المجيد.

وأشار غبرويان الى ان "المعايدة أخوية، وتخللها بحث في الهموم المشتركة بين الكنيستين، إضافة الى الوضع اللبناني الراهن. لقد تشكرت البطريرك الراعي على كل المواقف التي يطلقها لتنوير الضمائر لأنه من المهم بالنسبة لنا جميعا ان نعرف ان لبنان هو لجميع ابنائه وليس لطائفة او لحزب معين، فالشعب اللبناني لم يعد يحتمل وخصوصا من الناحية الاقتصادية التي اثقلت كاهله".

وتابع: "لقد تحدثنا عن المدارس وتوافقنا على انه لا بد من ان تقوم الحكومة بواجبها تجاه هذه المدارس".

وقال: "نصلي على نية غبطته ليحفظه الله بعمره ويمده بالصحة لأن كلامه هو محط انظار الجميع والكل يأخذ بمواقفه، اضف الى ذلك المكانة الخاصة للبطريرك الماروني والإحترام الذي تكنه له دول اوروبا واميركا لكونه رأس الكنيسة المارونية وهو يمثل المسيحيين في لبنان والشرق بأكمله. البطريرك الراعي ينطق بلسان حال المسيحيين ليس في الوطن وحسب وانما في مختلف الدول. المسيحيون المنتشرون في دول الشرق يهمهم بقاء المسيحيين في لبنان فهم منارة في هذا الشرق الذي انطلقوا منه الى العالم".

بعدها التقى الراعي وفدا ألمانيا من "جماعة ابراهيم" برئاسة البروفيسور ستيفان فيمور، يرافقهم وفد من المنتدى العالمي للأديان والإنسانية، قدموا التهاني بمناسبة العيد واستمعوا من البطريرك الى رأيه في موضوع الحوار بين الأديان وانتظاراته من الجماعة الألمانية في هذا الاطار.

وكانت كلمة لمستشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للحوار الإسلامي المسيحي الدكتور ناجي الخوري، عرض فيها لنشأة "الجمعية الألمانية واهدافها المرتكزة على نقل ثقافة الحوار والتعايش بين الأديان والأمور الايجابية الى المجتمع الألماني". وعبر عن "رغبة الوفد في التعرف الى المجتمع اللبناني المدني والكنسي والإطلاع على ثقافته واستكشاف عدد من المواقع الأثرية المهمة فيه".

بدوره رحب الراعي بالحضور مثنيا على "اهتمامه اللافت بنشر ثقافة الحوار والتعايش بين الأديان"، وقال: "للأسف تشهد المنطقة الشرق أوسطية فرضا لسياسات خارجية تزكي الحروب والنزاعات والتقاتل، وبالتالي التباعد بين مكونات هذه المنطقة، المعروفة بأنها ارض سلام ومحبة لتصبح اليوم ارض نزاعات دولية وحروب".

وتابع: "كما لمستم في زيارتكم فان لبنان يمثل نموذجا فريدا بين دول هذه المنطقة. انه بلد تعددي دستوره وميثاقه قائمان على قاعدة العيش معا بالمساواة بين كافة مواطنيه الذين يتشاركون في الحكم والإدارة. ونظامه يفصل بين الدين والدولة ولكنه لا يفصل بين الدولة والله، فهو لا يشرع ما يتعارض مع الدين. نعم هناك تنوع ولكن ما من انصهار. لكل فرد شخصيته وفرادته وحريته في ممارسة معتقده، فلبنان يشكل نموذجا في الإعتراف بالحريات العامة المدنية".

وأضاف: "إلا ان لبنان يعاني من تبعات الحروب الدائرة حوله، اضف الى ذلك القضية الفلسطينية العالقة منذ 71 سنة. لبنان اليوم يستقبل على ارضه نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني ونحو مليون ونصف مليون نازح سوري، الأمر الذي اثر بشكل كبير على وضعه الإقتصادي والإجتماعي والامني والتربوي وغيره. نحن نؤكد ان الوقت ليس لصالح لبنان ان استمر هذا الوجود على ارضه. ولقد عبرنا مرارا ونعيد التأكيد على موقفنا المطالب بعودة اللاجئين والنازحين الى ارضهم، ليس كرها منا لا سمح الله وانما من اجلهم ومن اجلنا. فبلدنا الصغير لم يعد يحتمل هذا العبء وهم عليهم العودة الى ارضهم والتمسك بحضارتهم وثقافتهم وتاريخهم. ولكن المشكلة اليوم موجودة عند الدول الكبرى النافذة لأنها لا تريد تسهيل عودتهم. فبالنسبة للنازحين السوريين هذه الدول تصر على عدم الفصل بين قضيتهم وبين الحل السياسي في سوريا. ولكن استمرار الأمور على ما هي عليه اليوم تنبئ بخطر قادم. الشعب الأصيل ان لم يعد الى ارضه ستبقى هذه الأرض مباحة لحركات ومنظمات ارهابية متطرفة اصولية كداعش والنصرة وغيرها، وهي غريبة عن هذه الأرض. وهنا يمكننا القول ان المجتمع الدولي يساهم في خلق بؤر من الإرهاب لا حدود لها وانتشارها سيتجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط. انهم يلعبون بالنار فارتدادات هذا الأمر الخطير ستكون على الجميع وليس على المنطقة الشرق اوسطية وحسب، فليكفوا عن تغذية النيران لسيطرتهم على المنطقة".

وشدد على "اننا بحاجة الى صوتكم في هذا الموضوع. فليس من مصلحة اوروبا والغرب إغفال الأمر لانه قد يدخلها هي ايضا في نزاعات خطيرة. الوجود المسيحي ضرورة في هذا الشرق ويجب الحفاظ عليه في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر وكافة الدول، لقد عشنا معا 1600 سنة وبنينا حضاراتنا معا. وفي وقت يتكلم فيه البعض عن صراع الأديان نحن نتكلم عن التعايش بين الأديان، فلنرفع الصوت عاليا في كل بقاع الأرض منادين برفض لغة الحرب والدمار والكراهية وتثبيت لغة السلام والحوار والإنفتاح التي بها وحدها تحفظ كرامة الكائنات البشرية على تنوعها".