تستمر الحملة العسكرية التي تخضوها موسكو بمواجهة كييف في يومها الثاني، إذ واصلت القوات الروسية القتال والتقدّم حتى وصلت على مشارف العاصمة الأوكرانية كييف، التي باتت مهدّدة بالسقوط، فيما تعاني القوات الأوكرانية من أجل الصمود والاستقرار، في ظل إعلان الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي عن رغبته بالحديث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وتدور المعارك منذ اليوم الجمعة في أحد الأحياء الواقعة في شمال كييف، بينما يبدو أن القوات الروسية تشدد الخناق حول العاصمة الأوكرانية. ومن جهته، أعلن الجيش الأوكراني أنه يقاتل وحدات من المدرّعات الروسية في مدينتَي ديمر وإيفانكيف الواقعتين على التوالي على بُعد 45 و80 كلم شمال كييف العاصمة.
يأتي ذلك فيما أفادت شبكة "سي إن إن" CNN الأميركية، نقلاً عن مصادر أميركية، بأن القوات الروسية باتت على بعد نحو 30 كلم من العاصمة الأوكرانية "كييف"، كما أفادت وسائل إعلام أوكرانية بأن غارات روسية استهدفت مدرجاً في مطار كييف الدولي.
وأفادت مواقع صحافية بأن الجيش الأوكراني فجّر جسرا لعرقلة تقدم الدبابات الروسية نحو كييف، ونقلت عن الجيش الأوكراني القول بأن اشتباكات تدور مع القوات الروسية المتقدمة نحو كييف، مشيرة إلى أن الدبابات الروسية تتقدم باتجاه العاصمة.
وقد أكدت بعض التقارير الإعلامية أن الدبابات الروسية المتجهة نحو كييف انطلقت من موقع تشرنوبل، وهي المحطة النووية السابقة التي سيطرت عليها القوات الروسية يوم أمس الخميس.
زيلينسكي لبوتين: لنتحدّث
في سياق متّصل، دعا زيلينسكي الأوروبيين "المتمرّسين في القتال" إلى المشاركة في المعارك في أوكرانيا، معتبراً أن "الرد الأوروبي على روسيا بطيئ جداً"، متّهماً أوروبا بالردّ بصورة "غير كافية" على الهجوم الروسي.
وفي السياق، توجّه زيلينسكي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال له: "يجب أن نجلس سوياً لنتحدّث".
كما قال الرئيس الأوكراني لجيش بلاده: "أنتم كل ما لدينا".
بدوره، حذّر مستشار للحكومة الأوكرانية من أن اليوم الجمعة "سيكون أصعب يوم"، منذ بدأت العملية الروسية بالأراضي الأوكرانية. وكشف أنطون هيراشتشينكو، عن أن الخطة الروسية هي استخدام الدبابات لاقتحام كييف، مشيراً إلى أن المدافعين عن كييف مستعدون بصواريخ مضادة للدبابات قدمها حلفاء خارجيون.
روسيا مستعدة للتفاوض
ونقلت وكالات أنباء روسية الجمعة عن المتحدث باسم الكرملين قوله إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعدّ لإرسال وفد إلى مينسك، عاصمة حليفته بيلاروسيا، لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا.
وقال المتحدث ديمتري بيسكوف إن "فلاديمير بوتين مستعدّ لإرسال وفد روسي على مستوى وزارتَي الدفاع والخارجية والإدارة الرئاسية إلى مينسك لإجراء مفاوضات مع وفد أوكراني".
"روسيا لا تسعى لاحتلال أوكرانيا"
على المقلب الآخر، اعتبر وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أن "الرئيس الأوكراني يكذب، ويقول إنه مستعدّ لبحث الوضع المحايد".
ولفت في مرتمر صحافي من موسكو إلى أن "الرئيس الأوكراني لم يلتزم باتفاقية مينسك وتحالف مع الناتو وسعى لامتلاك أسلحة نووية"، موضحًا أن "تدخلنا جاء لحماية اقليم دونباس، من الاعتداءات الأوكرانية المتكرّرة"، مؤكّداً "لا يمكن الاعتراف بحكومة تقوم بقمع وإبادة شعبها وتمنع اللغة الروسية".
وأوضح أن "روسيا لا تسعى لاحتلال أوكرانيا، وهدف العملية العسكرية نزع سلاحها واجتثاث النازية منها"، مشيراً إلى "أننا مهتمين بأن يصبح الشعب الأوكراني مستقلاً، وأن تكون لديه حكومة تمثل تنوعه المختلف".
إلى ذلك، ذكر لافروف أن "الناتو سعى لضمّ أوكرانيا وجورجيا متجاهلاً تصوّرنا الأمني، والولايات المتحدة الأميركية، تستخدم أوكرانيا لردع روسيا"، لافتاً إلى أن "روسيا سعت لحل ديبلوماسي، منذ التوقيع على اتفاقيات مينسك عام 2014 التي كان يمكن أن تضمن سيادة أوكرانيا".
وأضاف: "حاولنا إقناع كييف والغرب بتنفيذ اتفاقيات مينسك لكن محاولاتنا لم تلق صدى"، مشيراً إلى أننا "مستعدين للتفاوض فقط عند تنفيذ شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن تلقي أوكرانيا السلاح وتشكل حكومة ممثلة للجميع"، معتبراً أن "النظام الحالي في كييف، يخضع للولايات المتحدة والغرب والنازيين الجدد".
الصين تدعو للمفاوضات
من جانبه، أعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال مكالمة هاتفية بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، عن تأييده لحلّ النزاع في أوكرانيا عبر المسار الديبلوماسي.
ونقلت محطة "سي سي تي في" الرسمية الجمعة في تقرير عن المكالمة الهاتفية، عن الرئيس الصيني تأكيده أن "الوضع في شرق أوكرانيا شهد تغيّرات متسارعة، وإن الصين تدعم روسيا وأوكرانيا في حل المسألة من خلال مفاوضات".
وأكد شي في الاتصال الهاتفي مع بوتين على ضرورة "التخلي عن عقلية الحرب الباردة، وتعليق أهمية على المخاوف الأمنية المنطقية لجميع الدول واحترام تلك المخاوف، وتشكيل آلية أمنية أوروبية فاعلة ومستدامة من خلال المفاوضات".
وبحسب نص المكالمة الذي نُشر، أشار بوتين إلى أسباب شن روسيا "العملية العسكرية الخاصة" وقال لشي إن حلف الأطلسي والولايات المتحدة "لطالما تجاهلا المخاوف الأمنية المنطقية لروسيا".
وقال لشي أيضا في المكالمة إن روسيا على استعداد لإجراء محادثات "رفيعة المستوى" مع أوكرانيا.
وقال شي إن الصين "على استعداد للعمل مع جميع الأطراف في المجتمع الدولي للدعوة إلى مفهوم أمني مشترك وشامل ومتعاون ومستدام، وحماية النظام الدولي مع بقاء الأمم المتحدة في الصميم"، وفق النص الذي نشرته "سي سي تي في".