Advertise here

الأمل يشرق غداً

10 شباط 2022 08:52:38 - آخر تحديث: 10 شباط 2022 14:36:20

في خضم الأزمات الخانقة التي تتناوب على اللبنانيين فتارةً يهددك العدو بتشديد الإنضباط على الحدود وكبت أنفاس الناس في حدودٍ رسمها له الإنكليز فطرد أهلها وزوّر معالمها وأرشيفها وأذل من بقي فيها وعمل فيها المجازر تقتيلاً وإبعاداً وإلا... وطوراً يرميك ذوو الحكم وأرباب السلطان على رقاب العباد بالجشع اللا محدود لتوريث المجد والسلطة والمال إلى أحفاد الأحفاد فيما يزداد الوطن ضموراً وترتسم معالم الجوع في بلد التين والزيتون ومجد الأرز... والأنكى هي عظات سفراء يدعون الحضارة والتقدم فيبيعون اقتصادهم بالتهديد والوعيد وضم الأصابع ... وتكرّالسبحة معلنةً جهوزية مئات الآلاف من المدججين بأعتى الأسلحة وأقواها وبالفكر الفائض غموضاً وجهلاً وفرضيات السيطرة على العالم كلّه دون مراعاة لسلم الحرية والتعددية فيوقظون أفكار الإمبراطوريات متجلببةً بعباءات الأصفياء فيكوّنون الأهلّة ويحلّلون سفك الدماء غيرآبهين بموازين العدالة بالتنوع والتعاون.        
فيما مضى كانت دواوين التلاقي للناس شيباً وشبانا تقام في أروقة الأندية الشبابية والإجتماعية والرياضية ومنتديات الأحزاب والأدب والقيم ومسارح اللطافة والذوق بتقديرٍ وإعجاب لكل فنون الإبداع والتعبيرعن الذات ... أمّا اليوم فكل المنافذ والنوافذ مغلقة وهكذا تختنق أفكارك في داخلك ولا سبيل للنقاش فيها لتحويرها أو تلقيحها أو إلغائها، رغم تملك الإنسان كافة الوسائل الناقلة للتعبير صوتاً وصورة حيث يملك أكثر اللبنانيين إذاعةً وصحيفةً وتلفازاً قرب وسادئهم لذلك تبدو محبطاً لأنك لا تلقى الردود إلا مجبولةً بالسموم والفردية في التفكير والآداء، فدائماً ما تكون الردود مزيداً من الحقد والتعالي والصنمية والإستكبار !!!!
وبذلك ترتسم حدود التباين بين الناس وانعدام الثقة إلى الإنغلاق وتحطيم القيم ووضع علاقات الأرحام والأنساب والتاريخ والمستقبل على رفوف التمايز والأنانية ففي الإقتصاد الإجتماعي لا ترى أمامك كمواطن إلا حلّين : إمّا الموت وإمّا السرقة الصغيرة كما المعوزون وإمّا الكبيرة كما الحاكمون ...
أما قمة الإيلام والخوف فهي في الغرور الممقوت والإدّعاء بالمعرفة بكافة شؤون الحياة وشجونها فكلنا كلبنانيين محلّلون سياسيون وإقتصاديون وأرباب إجتماعٍ تختزل تجارب الأمم الأرض قاطبةً إما في الخطابة والبراءة من الإثم والغلط  فحدّث ولا حرج تتملكنا عقدة إدعاء مقيتة عنوانها: أنا أحسن منك يا ..... أخي، صديقي، رفيقي، منافسي، ....
الصورة البشعة لما نحن فيه وعليه تقابلها صورةٌ مكللةٌ بالأملِ والإشراق هي صورة جيل من القرن الماضي من أبناء الأرض الطيبة والمنابت الفاضلة والمشارب المختلفة والآفاق المتمايزة سلماً وديمقراطيةً وقتالاً، هذا الجيل إختارته الظروف والأقدار والمناخات لأن يُظهر حقيقته في السعي إلى إحتواء قيم الحرية والعروبة والديمقراطية والعدالة والكفاية، ولم يكن ذلك برفعها شعارات مرحلة وإنما بتطبيقها كلياً أو جزئياً على خطى القائد الشهيد المعلّم كمال جنبلاط وحركته الوطنية العملاقة به وبأركانها قادة الفكر والنضال الإشتراكي والقومي العربي والعدالة الإجتماعية ونصرة المظلومين عربياً ودولياً حيث الإنسانية والعالمية أكثر رحابةً وأكثر تألقاً ...
ولما كان الأمل يشرق غداً بالعقول المتوثبة والإصرار الصادق على تجاوز المحنة ونبذ التسلط والغرور ونبذ الكره لكل ما هو حقٌّ للناس في التطور والإرتقاء والعدالة.
ولما كان التاسع من شباط يقرع أبواب القلوب والعقول ويرسم صورةً متألقة للماضي النقيض لكل ما نتخبّط فيه من محنٍ وعذابٍ وسواد رؤية، فلا يسعني إلا أن أواجه تحياتي وأكرر تمسكي وإعجابي وأرسّخ قناعاتي بأن النخبة القائدة الصادقة اللبنانية الوطنية التي سطع نجمها في الربع الأخير من القرن الماضي ستبقى الشعلة المنيرة التي لن تنطفئ ملهمةً الأجيال الصاعدة الوارثة لسلّم القيم الوطنية والعربية والملأى بروح التواضع والحرية والعدالة والعروبة.
وأختم بتحية من الأعماق لرمز شرفاء تلك المرحلة وما أكثرهم في وجداني على إمتداد الوطن وجبله النابض بالأنَفَة والكبرياء...
تحية للقائد الشهيد الرفيق أنور حسيب الفطايري...