Advertise here

بيان مجلس الأمن الدولي والانتخابات اللبنانية

06 شباط 2022 21:37:35

كان وقع بيان مجلس الأمن الدولي الذي تناول الملف اللبناني كالصاعقة على آذان الفريق الحاكم وقوى الممانعة في لبنان، لأنه صدر بإجماع الدول الـ 15 الأعضاء، بما فيها روسيا والصين، كما أنه تناول العناوين التي تثير الحساسية عند هذه القوى، لاسيما دعوته لتنفيذ القرار 1559 والالتزام بمندرجات إعلان بعبدا للعام 2012 وهو الذي أقرته طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس السابق ميشال سليمان، وطالب بتطبيق النأي بالنفس على الصراعات الإقليمية وباعتماد استراتيجية دفاعية تضع كل السلاح تحت سلطة الجيش اللبناني دون غيره.

البيان أكد ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في 15 مايو المقبل، من دون أي إبطاء، كأنه يشير بوضوح الى محاولات التيار الوطني الحر وحزب الله تأجيل هذه الانتخابات بحجج تتعلق بعدم توافر تمويل للعملية الانتخابية، أو عن طريق تقديم اقتراح قانون معجل مكرر لإلغاء تصويت ناخبي الخارج لكل الدوائر، وحصر اقتراعهم بدائرة خاصة تضم ستة نواب إضافيين تمثل اللبنانيين غير المقيمين، وتمنع عنهم التأثير على نتائج الانتخابات داخل لبنان، لأن غالبية الاستطلاعات تشير الى أن 85% من هؤلاء سيصوتون لصالح القوى السيادية وضد قوى السلطة الممثلة بثنائي اتفاق مار مخايل.

ويتطابق البيان في معظم مضمونه مع المواقف التي صدرت مؤخرا عن مرجعيات دولية وعربية، لاسيما مع بنود المبادرة الكويتية، ومع البيان الصادر عن لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، ونسبيا مع الموقف المشترك الذي صدر بعد مباحثات ماكرون مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقد عكست تصريحات وزير خارجية الفاتيكان بول غالاغير الذي زار لبنان ذات المواقف، والاجتماعات التي حصلت في موسكو بين وزارة الخارجية الروسية وبعض القيادات اللبنانية أكدت على التوجهات نفسها. كل ذلك يعني أن التلاعب بمصير الانتخابات مسألة صعبة، وينتج عنها مسؤوليات كبيرة.

لكن ظروفا قاسية مازالت تواجه الاستحقاق الانتخابي، وتتمثل بمجموعة من المعوقات المالية واللوجستية، لأن الموازنات المرصودة لا تكفي لتغطية نفقات الاقتراع، وهو ما يحتاج الى مساعدة خارجية. ووزارة الخارجية التي تخضع لنفوذ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بادرت الى الإعلان عن الحاجة للتبرعات لدفع رواتب أفراد البعثات اللبنانية في الخارج، في إشارة واضحة لعدم قدرة هذه الوزارة على تغطية تكاليف تنظيم عملية الانتخاب في السفارات اللبنانية في دول الانتشار.

رئيس الجمهورية يجهد بكل إمكانياته لمساعدة صهره جبران باسيل للفوز بالانتخابات، وقد زار دار الفتوى لهذه الغاية بعد عزوف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري عن الترشح، كما أطلق مواقف انفعالية تناولت أخصام باسيل، لاسيما ضد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو يشن حملة إعلامية وقضائية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتحميله المسؤولية عن الانهيار المالي الذي حصل في عهده، لحرف الأنظار عن مسؤوليته مع حلفائه عن هذا الانهيار.

وعلى الضفة الأخرى تراهن بعض المجموعات التي تستغل الحراك المدني الذي حصل بعد 17 تشرين الأول 2017 على امتعاض المواطنين من الوضع المزري الذي وصلت إليه البلاد للاقتصاص من كل الطبقة السياسية في توجه يثير الريبة، ويقدم خدمة مجانية لقوى الممانعة، عن طريق أضعاف القوى السيادية التي كانت معارضة للعهد ولحلفائه الى حد الخصومة، ومواقف هذه القوى السيادية معروفة من الملفات التي أدت الى الانهيار، خصوصا حول ملف الكهرباء، وكانوا يناهضون سياسة عزل لبنان عن أشقائه العرب وعن أصدقائه في العالم، وهؤلاء تعرضوا للتخوين وللتهديد عندما طالبوا بتحقيق العدالة والاقتصاص من المرتكبين في ملف تفجير مرفأ بيروت، كما طالبوا بتقديم المسؤولين عن الاغتيالات للعدالة ومحاسبتهم.