Advertise here

كلمة وفية في رحيل عفيف حيدر

29 كانون الثاني 2022 22:33:06

نودّع رجلاً نبيلاً، معطاءً، كريم النفس، لم يتبوأ مركزاً كبيراً في السياسة أو الإدارة، لكنهُ تبوأ وهو الأهم مركزاً كبيراً في قلوب الناس من أصدقاء وأقارب ومعارف ورفاق.

عرفناهُ مناضلاً شريفاً، متفانياً، مترفعاً عن الصغائر، فاعلاً ومتفاعلاً مع أبناء مجتمعهِ بكلِّ محبّةٍ وعطاءٍ وانفتاح.

كانَ الفقيد الراحل عفيف معروف حيدر رحمهُ الله بشهادة الجميع إسماً على مسمّى عفيف النفس، نظيف الكف، صاحب السجل الأبيض والسيرة الحسنة.

آمنَ الرفيق الراحل بوحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، وبلبنان الدولة لا لبنان الدويلات، وبلبنان الحريّات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، بلبنان الحرّ السيّد المستقّل العربي الهوية والإنتماء، وبلبنان التنوّع ضمن الوحدة لا لبنان التسلّط والهيمنة والتحكّم.

آمن الفقيد الراحل بلبنان الدولة المدنيّة لا الدولة الطائفية، بلبنان الدولة الديمقراطية التي تقوم على العدالة الإجتماعية وتكافوء الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع دون تفرقة أو تمييز. وآمنَ بالإنتماء المتوازن بين المناطق إجتماعياً وإقتصادياً وثقافياً وبمبدأ الفصل بين السلطات وبتحرير القضاء من الهيمنة السياسية عليهِ والتدخّل في شؤونهِ.

وآمنَ بأنَّ الحياة أنتصار للأقوياء في نفوسهم لا للأقوياء بمالهم وسلطتهم ونفوذهم وبأنَّ الصراع في سبيل الحقّ هو إنتصار أكانت نتيجتهُ على السواء الأستشهاد المضيء أو النصر الساحق.

بقيَّ الراحل الكبير وفيّاً لتعاليم المعلم الشّهيد والقائد الوليد وللحزب التقدّمي الإشتراكي ولفكرهِ الإنساني اللبناني التحررّي العربي حتى استخارهُ الله إليهِ.

بقي على العهد والوعد وما بدّلَ تبديلا، في زمن المغريات الماديّة والمصالح الشخصيّة والفئويّة الضيقة على حساب المبادىء والتعاليم والأهداف الإنسانية الكبرى. وفي زمن المآسي والويلات والإنهيارات على كافة الصعد والمجالات.

وفي زمن إنقلبت فيه المقاييس والمعايير رأساً على عقب وأضاع فيه البعض بوصلة الطريق.

وتجدر الإشارة وبإعتزاز كبير إلى دور الفقيد الراحل البارز في إنشاء مركز الدفاع المدني – فوج الشويفات وبإمكانات متواضعة جداً ليكون في خدمة المدينة وأهلها، وذلك قبلَ أن يتبوأ رئاسة المركز المذكور ويعمل على تطويرهِ لاحقاً.

كان رحمهُ الله إطفائياً شجاعاً ومقداماً، لا يتوانى عن القيام بواجبهِ في إخماد الحرائق التي تُشكّلُ خطراً على البيئة والحياة والإنسان وسائر الكائنات الحيّة، بكلِّ همّةٍ ونخوةٍ وإندفاع. ومن أجل ان تبقى الشويفات شامخة بتلالها الخضراء وما تبقّى من طبيعتها الجميلة التي تغنّى بها الشعراء والأدباء.

أحبَّ العم عفيف الطبيعة واعتبرها تقي الإنسان من مفاسد الحضارة. أوليس بينَ أحضانها يجد الإنسان نفسهُ ويتجلّى فيها الجمال الألهي في أبهى صورهِ؟ أوليست الطبيعة أجمل لوحة فنيّة أبدعها الخالق عزَّ وجلّ. أحبَّ الطبيعة بكلِّ جوارحهِ وتحسسَ أوجاعها وتألّمَ لألمها، وتأسّفَ لتحول لبنان من بلد المساحات الخضراء إلى بلد المرامل والكسارات وحرق الغابات؟.

هنيئاً لمنْ سار على درب "المواطن الحرّ والشعب السعيد"، درب التحرّر والإنعتاق من كلّ القيود والإرتهانات.
هنيئاً لمنْ إزدخر الزاد ليوم الميعاد، هنيئاً لمن مات على الطاعة وتوحيد المولى.

الفقيد الراحل كانَ من الصابرين والمتوكلين على الله، والله يحبُّ الصابرين والمتوكلين عليهِ.

وكانَ من الشاكرين لنعم ِالله عليهِ، والله يجزي الشاكرين والمؤمنين خيراً. أليسَ بالشكرِ تدومُ النعم ومن عملَ خيراً يلقى خيراً ومن عملَ شراً يلقى شراً؟.

وداعاً يا رفيقنا الحبيب يا صاحبَ الصفات والخصال الحميدة، يا من كنتَ ودوداً ومحبّاً للناس وعاملاً في سبيل الخير والفلاح العام.

كلٍّ يعزي الآخر بالفقيد الراحل وصدقَ من قال: " إنَّ المحبّةَ لا تعرف عمقها إلاّ ساعة الفراق".

 

*عضو مجلس القيادة الحزب التقدمي الإشتراكي

 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".