ضرورة المراجعة النقدية في يوم "الغضب"

13 كانون الثاني 2022 17:00:14

مفاعيل نكسة الحراك السلبية ما زالت تلقي بثقلها الضعيف، لا سيّما في "يوم الغضب".

صفة الحدث التاريخي للحراك، لا تقلّل من أهمية أنّ الحراك قد أُصيبَ بنكسة كانت في رأيي منتظرة، بالنظر إلى ما اتّصف به من عفوية كانت طاغية فيه، ومن غياب البرنامج، ومن التشوّش في طرح المهمّات، الآني منها والبعيد المدى، وعدم التفريق بينهما، والالتباسات التي سادت في الأشكال التي اختارها قادته للنضال، فضلاً عن الخلافات داخله، والمزايدات هنا وهناك، وسوى ذلك من عناصر الخلل.

وكل ذلك أمرٌ طبيعي في ظل غياب القيادة، وفي غياب الاتّفاق الواضح حول آلية النضال والأولويات فيه، وسوى ذلك مما هو ضروري للاستمرار في الحراك. إلّا أنّ المغالطة الكبرى التي ارتكبها الحراك مرتبطة بالأولويات المقلوبة، وتعميم الإدانة للأطراف دون قراءة علمية لكلٍ منها، وتغييب المسألة الوطنية، ودور حزب الله السلبي فيها، لا سيّما في مصادرة الدولة، وضرب الاقتصاد من خلال خطوط التهريب، وتجفيف الاستثمارات وتهريبها، ونسف السياحة إلخ... وعزل لبنان دولياً وعربياً.

إنّنا نتذكر أمرين أساسيين حتى لا نحمّل هذا الحراك من المهمّات ما يتجاوزه في ظل الواقع الراهن في البلاد، والذي هو استمرار لواقع سابق عمره أربعة عقود ونيف. الأمر الأول يتمثّل في الدور السلبي للوصاية السورية التي عطّلت الحياة السياسية والفكر، وانتهت بتلك الاغتيالات لكبار السياسيين والمفكرين والإعلاميين، وفي مقدمتهم الرئيس رفيق الحريري، والتي كانت قد رسمت نهجها في السنة الأولى من وصايتها باغتيال المعلّم الشهيد كمال جنبلاط، وقضت على مشروعه الإصلاحي الوطني التقدمي.
الأمر الثاني يتمثّل في تراجع دور بعض الأحزاب، ومن ضمنها العلمانية واليسارية.

على الحراك أن يستفيد من تجربته السابقة، ومن أخطاء الثورات العربية وعدم تكرارها، وعليه إنضاج الشروط الجديدة واستكمال أهدافه، وأن يتسلّح بالتراث الوطني اللبناني، وينهل منه ذخراً لتعميق وتحصين قدرته في مواجهة الاستحقاقات التي يعيشها لبنان وشعبه.


*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".