Advertise here

الجرّة هذه المرّة

22 كانون الأول 2021 15:51:07

في العام 2005، وبعد استشهاد الرئيس الحريري وما تبعه من خروج الجيش السوري من لبنان، و تفاقم الصراع بين ما عرف لاحقاً بفريقَي 8 و 14 آذار، وقبل موعد الانتخابات النيابية، اندفع الحريصون على بقاء لبنان للعمل على منع تفكّكه وانفجار الوضع فيه. وثمرة تلك الاندفاعة كانت بعض التحالفات الانتخابية التي اُنضجت في مطبخ ما سُمّي يومها بالتحالف، أو الاتفاق  الرباعي.

طبعاً، ليس الوقت الآن للتوسّع  في البحث في أسبابه، وتقييم نتائجه والبحث عن مَن أخطأ و من أصاب، وعن نوايا أطرافه (استفاض الأستاذ الياس الزغبي بذلك، وهو من أبرز من شهده عن قرب، وشهد عليه في مقالته، "حقيقة الاتفاق الرباعي - الخماسي"،  تاريخ 15 شباط 2007). ولكن في القراءة للنتائج كان واضحاً أنّ التيار البرتقالي استفاد منه إلى أبعد الحدود لجهة استنفاره للشارع المسيحي، وشدّ عصبه وتأليبه ضد القوى المسيحية التي لعبت دوراً أساسياً في انتفاضة 14 آذار، و"امتلأت جرّته" بالمقاعد النيابية بعد أن حصد كافة مقاعد كسروان، ومعظم مقاعد المتن وزحلة، وبذلك حقّق المكوّنان الأساسيّان لفريق "نيو 8 آذار (أي بعد دخول التيار إليه)"، من وجودهما في محورين متقابلين أكثر من ما كان من الممكن تحقيقه لو أنهما كانا في نفس المحور، ذلك لأنّ القواعد الشعبية للفريقين كانت متباعدة في الآراء والمعتقدات، وكان سينتج عن أي تحالفٍّ بينهما، نتائج سلبية.

اليوم، وفي ظلّ ما يُحكى عن تراجعٍ كبير لشعبية التيار الوطني الحر، يُعتقد أنّه بأمسّ الحاجة لإعادة استنهاض الرأي العام المسيحي واستقطابه، والطريق الأسهل لذلك في لبنان هو العزف على الوتر الحسّاس، والظهور بمظهر المعزول والمستفرد من قِبل الجميع، وذلك بسبب دفاعه عن حقوق طائفته المستهدفة من قبل الآخرين.

ومنذ فترة يدأب بعض مسؤولي التيار على انتقاد الثنائي الشيعي بوتيرةٍ متصاعدة، وسبق للوزير باسيل أن تحدّث عن ضرورة إعادة البحث في اتفاق مار مخايل، كما أنّ الكثير من التسريبات تتحدّث عن خلافات كبيرة بوجهات النظر حول قضايا مهمة بين مكوّنَي 8 آذار، حتى أنّ أحدهم استعمل تعبير "مات مخايل"، بدل "مار مخايل". 

وبالأمس كان انتقاد واضح من الوزير باسيل للثنائي، وقد ذكّر بالتحالف الرباعي بشكلٍ صريح. فهل سنشهد طلاقاً بالثلاثة بين مكوّنَي "نيو 8 آذار"، أو أنّنا، وفي إطار السعي لاستعادة التيار لبعض ما فقده، سنشهد  "هجراً مؤقتاً" وهو محاولة لاستنساخ الظروف التي سبقت انتخابات 2005، وأنتجت ذلك التسونامي المسيحي يومها، ووجّهت بذلك ضربة قاسية لمكونات 14 آذار لا سيّما مكوّنها المسيحي، وأُجهضت بذلك ما عرف بثورة الأرز؟

وإذا كان الجواب هو "الهجر المؤقت"، فهل ستسلم الجرة البرتقالية هذه المرة.
 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".