كل يوم جديد، نشتم رائحة عدائية جديدة للعرب. في الصحف، وفي المجلات وفي المؤتمرات، وفي الكتابات، وفي المدارس والجامعات.
حملة ممنهجة حقا، حملة العداء للعرب. كأنها تريد، أن لا يبقى لنا أخ ولا شقيق ولا صديق. حملة ممنهجة حقا، لطردنا من دنيا العرب. لطردنا من ديار العرب. لطردنا من بلاد العرب. لطردنا ونبذنا، في جميع الدول العربية التي يذهب أبناؤنا إليها، للعمل فيها. لنبذنا في أسواقهم. ولنبذنا في مصانعهم وشركاتهم وإداراتهم. لنبذنا في متاجرهم. ونبذنا في مطاراتهم.
حملة منهجية تستكمل رحيلهم عنا. بعد إغلاق مصايفنا. وبعد إقفال منتجعاتنا. وبعد ضرب القطاع الفندقي والقطاع السياحي. و بعد ضرب قطاعات الإستثمار عندنا. بعد ضرب قطاع النقل في البر والبحر والجوي، وجعل إخواننا العرب، يحسبون ألف حساب، حين يريدون زيارتنا، ولو لتفقد أملاكهم. ولو لتفقد شركاتهم. ولو للسلام على أحبابهم "بالمرحبا".
حملة ممنهجة، لضرب بلادنا، تنطوي على نفسها. تعيش عزلتها التي تزايدت، بعد مغالاتنا في عشق الحرب، على حب السلام. بعد تربية أبنائنا على كراهية العرب، بدل حب العرب. بعد دفعهم للدخول في المنظمات، للسير إلى الجبهات، بدل تشجيعهم لنيل الشهادات، وتطوير حياتهم بالعلم لا "بالقبضنة".
العداء للعرب، صار سلوكا. صار تربية . صار موقفا، في الدارة والقرية والحي والمدينة. ما هذا الضلال الذي أصابنا. ما هذا العماء الذي ضرب عيوننا. كيف نصعد إلى الشجرة، ونقطع الغصن الذي يحملنا.
حملة ممنهجة، لجعل بلاد العرب، ترفضنا. تمنعنا من الدخول إليها. تمنع مواسمنا من النزول في أسواقها. تطرد أبناءنا من عمالتها، وترفض إستقبالهم، وتستعيض عنهم بالعمالات الأخرى.
العداء للعرب، يستكمل، بعد الدروس العدائية، وبعد التربية العدائية، وبعد المواقف العدائية، بتهريب الكابتغون للدول العربية. بتنظيم الخلايا الإرهابية فيها، لمصلحة خارجية. وبالتحريض عليها، جهارا ونهارا على كل المنابر الداخلية والخارجية.
لماذا نعمل أنفسنا بأنفسنا، على جلب الكره والمقت والبغض والنبذ والعزل إلينا؟ لماذ نعمل على توسعة دائرة العدائية لنا. لماذا نحول أخوتنا وأشقائنا، إلى أعداء لنا. لماذا نجني على أنفسنا.
العداء للعرب، ليس مسألة بسيطة. ليست مسألة بهذة السهولة: أن نقف ونشتم العرب. أن نقف وندعو إلى كره العرب. أن نقف ونشهر بالعرب. أن نقف وندعو على العرب. أن نقف ونتآمر على العرب. العداء للعرب، ليس كأسا نبل بها حلوقنا، بعد جفافها، للترهات التي نطلقها جزافا على العرب. إنما هي كأس مرة. كأس علقم. كأس يجرعنا إياها أعداؤنا، حتى نموت بغيظنا، ولا يبقى لنا سند من العرب.
العداء للعرب، حملة ممنهجة علينا، تطالنا قبل أن تطال العرب. تضرب بنا. تقتلنا. تميتنا. تجعل الأموال تهرب إلى بنوك أعدائنا. تجعل مصالحنا تسقط على رؤوسنا. تجعل بلادنا تخور في مكانها، ولا تجد من يمد يد المساعدة لها.
العداء للعرب حملة بغيضة علينا، قبل أن تكون على العرب. فمن يوقف الحملة الممنهجة علينا؟ تلك هي المسألة.
* أستاذ في الجامعة اللبنانية