لا يزال الترقب سيّد الموقف للقرار الصادر عن مصرف لبنان برفع الدولار المصرفي من 3,900 ليرة إلى 8,000 ليرة، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات لا سيّما على مستوى ارتفاع الأسعار والتضخم، في حين يواصل الدولار في السوق السوداء تسجيل قفزات كبيرة تجاوزت حدود 26 ألف ليرة.
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أوضح أنّ هذا القرار، الصادر عن المجلس المركزي لمصرف لبنان، أتى كنتيجة لمطالب عدة، إن كان من قِبل مودعين، أو من بعض المسؤولين السياسيين، باعتبار سحب دولارات الودائع على سعر 3,900 ليرة هو سحب متدنٍ، في حين أنّ السعر بالسوق السوداء 25,000 ليرة وأكثر، وبالتالي هو إجحاف كبير بحق المودعين.
وأشار عجاقة في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّ سقف السحب هو 3,000 دولار، أي ما مجموعه 24 مليون ليرة، لكن هذا السحب ليس تلقائياً، والمصارف ستعطي حسب قيمة الحساب، بمعنى إذا كان حساب المودع كبيراً فمن الممكن أن تصل قيمة السحب إلى 24 مليون ليرة. لكن أصحاب الحسابات الصغيرة لا يستطيعون أن يسحبوا هكذا أرقام، وبالتالي هذا يحد من زيادة الكتلة النقدية، لافتاً إلى أنّ هذا القرار ينتهي في أواخر حزيران، وبالتالي هو محدود بالوقت، ومن هذا المنطلق فإنّ الكتلة النقدية التي سيتم ضخها محسوبة بدقة.
وحول تأثيرات هذا القرار، قال عجاقة: "التداعيات تتمثل بأنّ المواطن الذي سيسحب أموالاً وفق هذا التعميم، سيقوم حتماً بتحويل هذه الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية إلى دولار. هذا الأمر من شأنه زيادة الطلب على الدولار الأميركي، وسيصبح هناك فائضٌ بالسوق من العملة الوطنية، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع بالدولار في السوق السوداء، بالإضافة إلى أمرٍ آخر ويتمثّل بالتجار حيث سيعمدون إلى رفع الأسعار كي يستفيدوا من هذه القدرة الشرائية، أضف إلى ذلك أنّنا اليوم في موسم الشتاء، والطلب يزيد على المحروقات، بالإضافة إلى أنّنا في موسم أعياد، وهذا سيدفع التجار إلى رفع الأسعار مبرّرين ذلك بارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء والتضخّم الحاصل في الليرة".
وشدّد عجاقة على ضرورة مواكبة تعميم مصرف لبنان من قِبل الحكومة، وبالتحديد من قِبل وزارة الاقتصاد كي تمنع عمليات الاحتكار والتلاعب في الأسعار، لأنّ المستفيدين من التجار سيعمدون حتماً إلى رفع الأسعار واحتكار المنتوجات، بحجة التضخّم وارتفاع دولار السوق السوداء، لافتاً إلى ضرورة كبح جماح السوق السوداء لأنّه لا يمكن الاستمرار في الوضع على ما هو عليه، لأن السوق السوداء ضربت الأمن الاجتماعي للمواطن. كل يوم هناك سعر جديد للسلع، فمن يتحكم بهذه السوق عصابات، ويقومون بمضاربات بأحجام هائلة، وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها، وضرب هؤلاء المتحكمين.
واعتبر عجاقة أنّ الحل الأساسي يقضي بعودة اجتماعات الحكومة لتأخذ قرارات جريئة ووضع خطة شاملة عمادها الإصلاحات، وبالتالي أن تستعيد دورها المنصوص عليه بالدستور، والذي يقضي بوضع وتنفيذ السياسات العامة، فمن غير المقبول أن لا تجتمع الحكومة. نحن بحاجة لاجتماع يومي للحكومة لمواجهة التحديات.