تأتي نتائج الانتخابات النقابية، والمفارقات والعِبر التي ترافقها، لتؤكّد عقم ثورة لا تعتمد على الوعي أساساً في تحرّكها، وتُظهر الفشل الذريع في الأسلوب المتّبع في تغيير واقع مستنزف لم يعد مقبولاً.
إن استغلال لحظة سياسية ما قد يؤدي بعض المكاسب، ولكنّه حتماً لن يستمر. ومَن يرفعون الشعارات الشعبوية قد يستطيعون الاستفادة من أخطاء بعض من سبقهم، لكن سرعان ما سيظهر العجز والفراغ في بلورة نهجٍ نقابي جديد وجدّي في التزام المصلحة العامة للنقابات.
ومن انتخابات المحامين الأخيرة ونتائجها، إلى انتخابات الصيادلة، وفوضى انتخابات أطباء الأسنان، نرى تبدّد المشهد الاستثنائي والمؤقّت في الانتخابات التي سبقتها في انتخاب النقيبين ملحم خلف وعارف ياسين لعدة عوامل أساسية:
1- بعض القوى المستترة التي تستغل الأوضاع وتجيد "الاستثمار في المشاكل"، وتبحث عن موقعٍ لها، أثبتت أنّه ليس لديها ما تقدّمه، وتجيد الموقف السلبي دون أن يكون لديها البديل.
2- وضع كافة الأحزاب التي لعبت دوراً في النقابات في كفة واحدة، وعدم التمييز، وإطلاق التهم عشوائياً بكل اتجاه، أدّى إلى الضياع والتشرذم، واستنزاف القوة في ما لا طائل منه.
3- غياب الرؤية وعدم التوحّد على نهجٍ واضح أظهر الانقسام والتشرذم، وتبعيّة الكثيرين للقوى السياسية المتنوّعة، وكأنّنا نشاهد صورةً مصغرة عن المحاور والانقسامات السياسية المعتادة.
لا بدّ للقوى المؤثّرة، وصاحبة النضال الطويل في شؤون النقابات وكافة شؤون الوطن، لا بدّ لها من بلورة سياسة نقابية جديدة بعيداً عن أي اصطفافٍ سياسي تقليدي، وأن تضع الأولويات المهنيّة فوق كل اعتبار، وتتعاون من أجل المصلحة العامة والخير العام، وأن تتحالف، وتأتلف، بناءً على الرؤية المشتركة والنهج بعيداً عن كل المصالح السياسية.