Advertise here

مصادر ديبلوماسية لـ "الأنباء": هذا ما سيحصل بعد إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب!

17 نيسان 2019 09:00:00 - آخر تحديث: 18 نيسان 2019 14:26:12

دخل قرار وضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب الدولي حيز التنفيذ، بعد أن سبق ووقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الفائت، ما يؤشر إلى أن الإدارة الأميركية اتخذت قرارا مفتوحاً بالتصعيد  ضد إيران وأذرعها وحلفائها، على مستوى الشرق الأوسط الكبير من أفغانستان، حتى ليبيا، وإفريقيا، وبالتالي باتت المنطقة أمام متغير جديد، أولى نتائجه الغاء الهامش المستقل الذي استفاد منه الاتحاد الأوروبي في محاولة منه للالتفاف على العقوبات الأميركية على ايران، وإبقاء نافذة صغيرة للحوار معها، مستفيدة من فرصة السماح التي اعطتها الإدارة الأميركية للدول المستفيدة من أسواق النفط الإيرانية خلال الأشهر السته الماضية، وإذا كان الرئيس ترامب لم يضغط على الاتحاد الأوروبي لوقف علاقاتها مع إيران، فإن ذلك كان جزءاً من فترة السماح، التي منحت أيضاً لتركيا والعراق والصين والهند، كانت تهدف برأي مصادر دبلوماسية غربية، "إبقاء ايران منضبطة تحت سقف الاتفاق النووي".

مع شمول العقوبات للحرس الثوري كمؤسسة اقتصادية إنتاجية ضخمة، تستحوذ ما بين 30 إلى 40% من الإنتاج الإيراني، إضافة الى مكانتها العسكرية قوة أساسية لنظام الملال في إيران ولها ميليشيات في دول الجوار ترتبط بها ارتباطاً أيديولوجيا، بات الاتحاد الأوروبي مضطراً للاصطفاف خلف الإدارة الأميركية في عقوباتها على ايران، التي وصلت الى أعلى درجة في سلم العامود الفقري للنظام الإيراني، وتبلغ ذروتها مطلع أيار القادم مع (صفر نفط).

هذا التصعيد الذي حاول الإيرانيون تفاديه والابتعاد عنه، وتجنب الصدام المباشر مع الإدارة الأميركية الحالية، لأنهم يدركون انهم وصلوا الى نقطة اللاعودة وباتوا أمام  خيارين لا ثالث لهما وكلاهما مر، (أسود أو أسود قاتم)، إما الحضور الى طاولة المفاوضات بشروط الرئيس ترامب، وبالتالي عقد صفقة على هذا الأساس تقضي بتسليم الإنتاج النووي الإيراني، وتدمير الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، على غرار ما حصل مع ليبيا إبان حكم الرئيس المخلوع معمر القذافي، وهذا خيار قاتل بالنسبة لإيران. وإما الدخول في مواجهة محسومة النتائج.

مصادر دبلوماسية متابعة للحوار الإيراني السابق مع الدول الستة (5+1) رجحت لـ "الأنباء"،  بأن يزداد الموقف الإيراني  تشدداً على الرغم من إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب الدولي وإخضاعه للعقوبات الأميركية، وتوقعت أن يستمر الموقف الإيراني متشددا لأشهر عديدة قادمة، سبب هذا التشدد، "مرتبط بالنتائج التي وصلت اليها المفاوضات الأميركية – الكورية، حول السلاح النووي الكوري الشمالي في فيتنام، حيث ولأول مرة يقدم الأميركيون إلى الرئيس الكوري ورقة مطالب صريحة وواضحة ومباشرة، توضح فيها ماذا تعني بموقفها اخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي"،

والتي لخصتها المصادر بالنقاط الثلاث التالية:

تسليم الذخيرة النووية المتوفرة في مخازن كوريا الشمالية الى الولايات المتحدة الأميركية.
تسليم المكونات الرئيسية والمواد الأولية النووية المتوفرة لدى كوريا الشمالية بما فيها المواد الخام المستخدمة في التصنيع النووي، الى الإدارة الأميركية.
إيقاف عمل المفاعل الإنتاجية والطرود النووية في كوريا الشمالية كافة.
وهذا ما حصل أيضا في الملف النووي الليبي أيام العقيد معمر القذافي حين سلم للولايات المتحدة الأميركية ما لديه من وقود ونتاج نووي.

مما لا شك فيه أن القيادة الإيرانية قرأت جيدا الرسالة الأميركية من المفاوضات الكورية، وباتت على يقين بأنها اذا قررت الذهاب لعقد صفقة مع البيت الأبيض، فإنها ستواجه بمطالب قاسية جدا، وهي لم تمتلك بعد السلاح النووي، وحالها ليس كحال كوريا الشمالية التي تمتلك السلاح النووي والصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، ولها حليف قوي مثل الصين، وتمتلك موقع استراتيجي يجعلها قادرة على استفزاز المشاعر الأميركية، لذلك اتجهت إيران إلى تصعيد مقابل، حين أعتبر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي القيادة الوسطى للجيش الأميركي قوات إرهابية، وهي القوات المنتشرة من أفغانستان حتى ليبيا والمسؤولة على العمليات العسكرية فيها، إضافة الى طلبه من رئيس الوزراء العراقي لإخراج القوات الأميركية من بلاده واعتبارها قوات احتلال.

كلام السيد خامنئي عن ضرورة خروج القوات الأميركية من العراق، أراد من خلاله وضع معادلة توازن ترتكز على اعتبار ان التصعيد بوجه الوجود الإيراني في سوريا، سيواجه بتصعيد ضد الوجود الأميركي في العراق، وهذا التصعيد قابلته الإدارة الأميركية حث رئيس الوزراء العراقي على سحب قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران من كافة المناطق السنية لا سيما التي كانت تحت سيطرة داعش، في اتجاه نحو وضع العراق امام مواجهة داخلية بوجه الوجود الإيراني وحلفائه، فالتوازن الذي أراد المرشد الإيراني تثبيت قواعده سرعان ما انقلب عليه، إذ يذكر العراقيين جيدا ما حصل مع ميليشيا جيش المهدي التابعة للمرجع الشيعي مقتدى الصدر، حين طالب بخروج القوات الأميركية من العراق، وكيف انتهت الحرب الشرسة ضده في بغداد وكربلاء والنجف، وكيف التجأ في النهاية الى المرجع العراقي السيد السيستاني لحمايته، قبل ان ينطلق في مرحلة جديدة من عمله السياسي.

في السياق عينه يندرج إعلان القيادة الوسطى للجيش الأميركي، "جهوزيتها لتنفيذ قرارات البنتاغون والبيت الأبيض حول الحرس الثوري، واستعدادها للتعامل مع الاحتمالات كافة في هذا الخصوص، ما يعني أن العراق مرشح لأن يكون ساحة تفجير جديدة من إيران وبوجه إيران، ذلك لا يعني أن تنجح ايران في تحقيق أي عمل عسكري كبير في العراق، ربما يكون ذلك بمثابة تهدبد وربما محاولة امساك بنقاط ضعف للوجود الأميركي، لكن الرد الأميركي سيكون عصبي جدا، وعلى درجة عالية من القوة، وبصورة لا تقل قسوة عن الرد الذي واجهت به قوات الصدر.           

لذلك فإننا امام مشهد تصعيدي كبير، قد تبرز نتائجه  وآثاره في الداخل الإيراني، او في الدول المرتبطة بالمدى الحيوي لإيران، من العراق الى سوريا واليمن ولبنان، وسيكون له تأثيرات سلبية على العلاقات الإيرانية الروسية والعلاقات الإيرانية التركية إضافة الى العلاقات الإيرانية الأوروبية، وصولا الى العلاقات الإيرانية العربية المتوترة أصلاً، وعلى خط البياني للتصعيدين الأميركي والإيراني، رفعت إسرائيل من مستوى جهوزيتها ومن سقف خطابها التهديدي والتصعيدي بوجه الوجود الإيراني في سوريا، سيما وأن نتنياهو كان قد نصب أشرعة سياسته في مجرى الرياح الأميركية العاتية القادمة على ايران، ونصَّب نفسه مرشحاً رئيسياً لمواجهة ايران وحلفائها في سوريا، كما اعلن استعداده للمواجهة في العراق، اذا حاول الحرس الثوري نقل أسلحته وصواريخه الاستراتيجية الى قواعد حلفائه في بلاد الرافدين، والتي قد تطال سوريا وإسرائيل.

بعد عودة نتنياهو الى رئاسة الحكومة جراء الانتخابات الأخيرة، وبعد موافقة الرئيس الأميركي على ضم الجولان لإسرائيل، دخلت إسرائيل مجدداً على خط الصراع الإقليمي، كواحدة من أطراف المثلث (الأميركي – الروسي - الإسرائيلي) المعني مباشرة بصياغة شكل النظام السوري الجديد، ولديها تفويض بطرد الحرس الثوري الإيراني وميليشياته من سوريا، وحين يصبح الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية يأخذ التفويض الإسرائيلي ابعاد جديدة، بحيث يكون لدى تل أبيب اليد الطولة في ضرب المواقع الإيرانية في سوريا على غرار ما حصل في حلب منذ أيام، دون أن تحرك القوات الروسية ودفاعاتها الجوية أي ساكن، على اعتبارها شريك أساسي في المعادلة الإقليمية الجديدة، وتتفهم طبيعة الدور الإسرائيلي في سوريا.

لذلك سنكون أيضاً أمام تصاعد عملياتي إسرائيلي قوي، متسلحا بموقف سياسي أميركي مزدوج، تجاه الجولان أولاَ، والحرس الثوري الإيراني ثانياً، ومصان بتفاهمات عميقة مع روسيا، تقترب لان تصبح علاقة استراتيجية راسخة وثابته، فالتجربة الإسرائيلية في سوريا في ظل الوجود الروسي كشفت عن ابعاد من التفاهمات ترتقي الى المستوى الاستراتيجية في اكثر من مجال، امني، عسكري، سياسي واقتصادي، وهذا يعزز من إمكانية الاتجاه نحو تصعيد جديد في سوريا له ابعاد مؤثرة ومباشرة على الحضور والدور الإيراني فيها، وهذا سيؤثر دون أدنى شك على الاستقرار في لبنان، وعلى موقع وموقف حلفاء إيران، الذين لن يقفوا مكتوفي الايدي امام تلك الحملة التصعيدية الشرسة.