Advertise here

المرأة تختصر الوجود

21 تشرين الثاني 2021 12:05:00 - آخر تحديث: 22 تشرين الثاني 2021 15:25:57

نرتفع  بالمرأة إلى المرتبة الأسمى. الصّفة الأهمّ والأفعل والأغنى، الأهمّ لأنّها تجمّل كلّ شيء، كلّ صفة.

الأفعل لأنّها تؤثّر في كلّ شيء، في كلّ فعل. الأغنى لأنّها  التّنوّع الوجوديّ والعقليّ والفكريّ والإبداعيّ. هي مورد الأحلام والرّؤى. المرأة جمال ونعمة. هي مثال للتّسامي والجمال والتّأمّل والنّعمة ولتخطّي حدود المادّة والحواسّ وقيود الأنانيّة الجسديّة، هي طموح للتّرفّع، هي تعامل روح مع روح، وكلمة مع كلمة. 

ليست ترابيّة من لحم ودم وعصب فحسب، بل هي حبّ سامٍ مترفّع عن شهوة الحسّ. هي من خلق الله. هي جمال سرمديّ، روحيًّا وجسديًّا معًا. خالدة في ذات الشّاعر، في قلب الوجود، في صميم الواقع، في عناصر الطّبيعة، هي نقيّة بهيّة، هي الّتي لا يستطيع أحدٌ أن يتخيّل وجودها. إذ إنّها فوق الإدراك. فوق التّصوّر. هي كامنة في الكلمة والنّغم والقصيدة. هي أبعد  من أن يحدّدها ظنّ بشر، أو يطالها خيال. المرأة هي الطّبيعة بعطائها وروعها وغضبها. يقول الأخطل الصّغير: " المرأة  ترتفع بالرّجل إلى التّسامي لتخطّي الواقع المادّيّ الطّبيعيّ المحدود، إلى الواقع الرّوحيّ الخياليّ غير المحدود، عن طريق الاتّحاد بالطّبيعة والحلول بها." بالتّالي المرأة شقيقة النّفس والرّوح وهي أمانة الخالق على الأرض فلا يمكن الاستخفاف بها والاستهتار بمشاعرها، ولا يجوز تعنيفها وسلبها حضورها وطمس شخصيّتها. 

فالمرأة ليست سبب حلاوة العيش فحسب، بل هي سبب جمال الكون أيضًا. الكون هو محلّ هذه المرأة: الأم والأخت والابنة والحبيبة والزّوجة والمربّية والصّديقة، هي الجميلة، تسكب على الكون جمالها وبهاءها ورقّتها، حيث المحلّ صورة عن الحالّ فيه. هي قارورة الطّيب بها يطيب الوجود ويجمل. المرأة تجعل الحواسّ مشدودة، تلقاها في كلّ شيء. في القلب والعين. في الغفلة واليقظة. في الشّعاع والنّسمة. هي الحياة كلّها. نعم، هي نعمة لا للإنسان فحسب، بل للجمال وللرّبيع. هي الضّياء الّذي يهدي، مَنَّها اللهُ بالقدرة على الخَلق والإبداع والجمال. الوجود من دونها صحراء. فكلّ ما في الكون، لولاها، نعيٌ ونحيب. هي النّور للعين والدّم للشّريان والمطر للوديان والرّشاقة للغزلان. هي للكون عنوان. بوجودها حلول النّعمة وبغيابها مجيء النّقمة. هي فرح الوعد، بها يتحقّق المستحيل ومنها تتناهى الرّقّة والغموض. 

فلا يجوز أن نقهرها،  أن نهمّشها، أن نسيء معاملتها، أن نستخفّ بقدراتها الرّهيبة، بل علينا أن نساندها وننصفها في القوانين والأنظمة. إنّها المرأة الحاضرة في أسرتها ومجتمعها ووطنها. علينا أن نفسح لها المجال في المشاركة الاجتماعيّة والسّياسيّة جنبًا إلى جنب الرّجل وفي سدّة القرار إسوة بالرّجل، وفي إعطائها الجنسيّة لأولادها، وفي حقّها بتربية أولادها.  وفي حقّها بالميراث إسوةً بأخوتها. فلا يجوز أن تعيش ورقةً في مهبّ الرّيح، وذرّة رمل في صحراء الوجود.

يقول فيكتور هيغو:"إنّه بزوال الحبّ تُطفأ الشّمس، فالحبّ ينقّي ويطهّر ويرفع إلى السّماء. وهو المطلق. لا يولد ولا يموت. وهو قبل الزّمان، وبعد الزّمان. قديم خالد."

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".