Advertise here

حذارِ من فراغ جديد!

15 تشرين الثاني 2021 10:54:27

 لقد ظنّ اللبنانيون، أنّ لبنان خرج من فراغ قاتل ومميت، وأن مرحلة جديدة بدأت تلوح في الأفق، لا سيّما بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني، وتأليف حكومات الواحدة تلو الاخرى، في وقت لم يعد يحتمل البلد فيه المزيد من الأزمات والعثرات.

السؤال: هل نحن أمام فراغٍ جديد؟ أم هل نحن أمام حروب عبثية –لا سمح الله- قد لا تُبقي، ولا تذر؟ فإذا كان المطلوب الدفع بلبنان إلى الأمام، إنقاذاً لما تبقّى من حياة سياسية، وحفاظاً على مقوّماته ومكوّناته، فما عليهم سوى تطبيق "اتّفاق الطائف"، كي لا ينكسر لبنان، فتنكسر الديمقراطية فيه. إن لبنان يعاني من وضع اقتصادي- اجتماعي، وأضحى في أسفل درك، ناهيك عن أنّ القاصي والداني، فاغرٌ فاه لالتقامه، تارةً تحت حجّة أن لا مبرر لوجوده، وطوراً كونه امتداداً جغرافياً بموقعه المميّز على ضفاف هذا الأبيض المتوسط.

وبعد اتفاق الطائف، قلنا إنّ الفراغ قد ذهب إلى غير رجعة، حاطاً رحاله في غير مكان، إلّا أنّه سرعان ما يطل برأسه ثانية، نتيجة هذه المشاحنات، والتجاذبات السياسية، والتدخلات الخارجية.

وعلى هذا، لم نعد ندري، أين تكمن المعضلة: أهي محلية، أم خارجية؟ أي معضلة الفراغ. (وأي فراغ!) إنّه يعني أكثر ما يعني عدم استقرار لبنان، وإبقاءه في دائرة ما يجري من تطاحن وتقاتل، كي يبقى غرضاَ وهدفاً لسهام الآخرين.

والهدف من كل ذلك، تفريغ وتجريد لبنان من مسحته الحضارية، وضرب عيشه المشترك، وعدم إعطائه الفرصة للنهوض، إعادةً للبنان الألق، لا لبنان العسْف، والظلم الاجتماعي.

فلا مجال بعد اليوم، للمراوحة في دائرة الفراغ، خصوصاً وأنّ النخبة السياسية، أدركت أن لا مفرّ من عملية إصلاح شاملة لانتشال لبنان مما يتخبط به من أزمات وصدمات، ومن ثمّ خلاصه من وحول الطائفية، وإصلاح ما فَسُد. إننا نأمل إنقاذ البلاد والعباد من عفن عهود غابرة وحاضرة، أوصلتنا إلى ما وصلنا اليه من تشلّع. ولولا قيادات تداركت حجم فتن ومحن، لكنا جميعاً في حلٍ من لبنان الجديد، لبنان الحداثة والمواطنية الحقّة.

أفلا يستحق الشعب الحصول على حقوقه المشروعة، في وقت تُنهش حقوقه في وضح النهار، ودون حسيب أو رقيب؟ فليقلع هؤلاء عن مصالحهم الخاصة، وليفكّر القابعون في أبراجهم العاجية بالشعب ولقمة عيشه، بعيداً عن هذا الظلم الاجتماعي اطمئناناً لمستقبله، وصيانة لكرامته، ودرْءاً لِما هو آتٍ من جور الزمان، وحوالك الأيام.

الشعب ينتظر بفارغ الصبر إصلاح ما تهدّم، وخلع كل ما هو قديم، والإتيان بكل ما هو جديد، تحسّباً لمواجهة مرحلة قد تكون أشد شراسة وعنفاً عمّا مضى، سيّما وأنّ لبنان واقع في قلب العاصفة.

فلا تعتقدوا أن الأمر عسيرٌ عليكم، خصوصاً لجهة عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي، ولو بالحد الأدنى. أنتم الذين ارتضيتم المسؤولية، لا سيّما لجهة إبعاد الفراغ. 

فحذارِ حذارِ من فراغ جديد، وترك لبنان لمصيره.