Advertise here

دعوة "تقدمية" لدعم القطاعات الإنتاجية بدلاً من الإقتصاد الريعي.. أين مصرف التسليف الزراعي والصناعي؟

13 تشرين الثاني 2021 13:45:31 - آخر تحديث: 13 تشرين الثاني 2021 13:53:50

كان إعتماد لبنان على الإقتصاد الريعي بدل المُنتِج أحد أهم أسباب الإنهيار المالي والنقدي الحاصل. ومنذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان التوجّه الإقتصادي نحو القطاعات السياحية والمصرفية والخدماتية، بعيداً عن الإهتمام بالزراعة والصناعة، ولذلك نسبةً للمردود السريع والوفير للقطاعات الخدماتية مقارنةً بالقطاعات الإنتاجية.

إلّا أنّ نتائج هذا الإقتصاد كانت تسجيل عجز في ميزانَي المدفوعات والتجارة، وذلك يعود إلى أنّ لبنان لا يُنتج إلّا القليل من السلع، والإستهلاك يعتمد على الإستيراد، ما خلق أزمة إستنزاف العملة الصعبة. ومنذ ذلك الحين، برز توجّه فردي لدى المواطنين لتنمية الإنتاج المحلي الذي سيستبدل المنتجات المستوردة في السوق، إلّا أنّ هذا التوجّه افتقد الدعم الرسمي. في هذا السياق، نستذكر مصرف التسليف الزراعي والصناعي للإنتاج، والذي عاد الحزب التقدمي الإشتراكي للتذكير فيه في وثيقته السياسية والإقتصادية في مؤتمره العام الـ48، في إطار مطالبته بتحويل الإقتصاد إلى منتج، ودعم الزراعة والصناعة.

عضو هيئة مكتب المجلس الإقتصادي والإجتماعي، أنيس بو ذياب، أشار إلى أنّ "مصرف التسليف الزراعي والصناعي للإنتاج يعود إلى حقبة ما قبل اتّفاق الطائف، أمّا، وفي الحقبة التي تلت، كان التركيز على إحياء القطاع العقاري، وتمّ نقل مساهمات مصرف الإسكان حينها إلى القطاع المصرفي الخاص".

وفي حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفت بو ذياب إلى أنّ "مع تحوّل الإقتصاد اللبناني إلى ريعي، تمّ وقف العمل بمصرف التسليف المذكور، ما أدّى بدوره إلى تراجع قطاعَي الزراعة والصناعة، وهذا شكّل نقطة ضعف، إذ أنّ قوّة القطاعَين المذكورَين تكمن في أنّها تعطي الإقتصاد القدرة على إمتصاص الأزمات والتخفيف نسبياً من حجم الإنهيار، وذلك بسبب التعويض عن الإستيراد نوعاً ما بالإنتاج المحلي".

ورغم أهمية عودة إطلاق مصرف التسليف، إلّا أنّ بو ذياب شدّد على "ضرورة توجيه الاقتصاد بشكلٍ عام نحو الإنتاج، عبر اعتماد سياسات تحفيزية يكون الهدف منها تقوية عملية الإنتاج المحلي، ولكن بعيداً عن الاحتكار، وذلك يكون عبر سوق مالي قوي يدعم أصحاب المصالح الصغيرة والمتوسّطة الحجم، إمّا عبر التمويل من خلال السندات والأسهم والقروض الميسّرة، أو الإعفاءات الضريبية".

لكن هذا التوجّه يحتاج إلى نهجٍ اقتصادي مختلف عن المعتمد حالياً، حسب بو ذياب، "يقوم على دعم القطاعات الإنتاجية، الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى إعادة إحياء القطاع المصرفي الذي سيموّل إلى جانب المؤسّسات العامة والخاصة مصالح هذه القطاعات". وهنا، شدّد على أنّه لا يُمكن الشروع بهذه العملية في ظل حالة الانهيار الاقتصادي الحالية.

وذكر بو ذياب أهمية دعم القطاعات المنتجة لجهة المواطنين، كما والاقتصاد بشكلٍ عام، "إذ سيوفّر مدخولاً لأصحاب المصالح، وسيخلق فرص عملٍ جديدة، خصوصاً وأنّنا نشهد نزوحاً معاكساً من المدينة إلى الريف، كما يُمكّن المناطق من تحقيق اكتفاءٍ ذاتي نسبي، وبالتالي تنمية بشرية مستدامة. لكن وفي السياق، فإنّ الإنتاج وحده غير كافٍ، بل إنّ العملية تكاملية، والتسويق ضروري لتصريف الإنتاج، وذلك يتم عبر تعاونيات استهلاكية إنتاجية".

وعن التمويل، لفت بو ذياب إلى أنّ "مؤسّسات وجمعيات محدودة الحجم موجودة في المناطق، وتموّل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما يُمكن الاعتماد على التمويل الخارجي عبر المؤسّسات الدولية كالـUSAID وغيرها للاستفادة منه في إطار هذه المشاريع، إلّا أنّ هذه المؤسّسات تفرض معايير معيّنة متعلقة بالإنتاج يجب التقيّد بها".