زيادة الرواتب أمرٌ يُتداول كثيراً في الفترة الأخيرة، ولكن لا شيء واضحاً بعد. فمع الأزمات التي تعصف بلبنان، بات راتب الموظّف لا يشتري له أبسط الحاجات الأساسيّة. لقد تآكلت الرواتب رسميًّا، وتقلّصت القدرة الشرائية إلى قرب الحدّ الذي يُمكن وصف "أكوام من الليرة اللبنانية" بالأوراق التي لا قيمة لها.
ولهذه الغاية، وفي الاجتماع الثالث للجنة المؤشّر، أعلن وزير العمل مصطفى بيرم الاتفاق على مبلغ نقديّ محدّد سلفاً لا يدخل في صلب الراتب مؤقّتاً لدعم الفئات الأكثر تضرّراً في القطاع الخاص، وعددهم زهاء 700 أو 800 ألف (موظف)، على أن يُحدّد السقف المالي في الجلسة المقبلة. فهل يعني ذلك أن لا رفع للرواتب؟
يؤكّد بيرم في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة: "يجب أن نعمل من أجل العامل. فالحدّ الأدنى بات يساوي "تنكتَي" بنزين، وهذا أمرٌ معيب ولذلك لا يمكن أن نترك الوضع على ما هو عليه"، معتبراً أنّ "هناك طريقتان لمعالجة هذا الأمر. الطريقة الأولى عبر تحديث الحدّ الأدنى للأجور، ولكن هذا الأمر سيأخذ بعض الوقت إذ لا سعر صرفٍ موحّدٍ بعد، مع العلم أنّنا لا يمكن أن نتخلى عنه من أجل الوصول إلى حدّ أدنى علمي يُعيد للراتب هدفه بتأمين العيش الكريم".
ويقول: "التطورات الاقتصادية ضاغطة، وإلى حين الوصول للحلول العلميّة الصحيحة التي يمكن أن تأخذ بعض الوقت. نعاني من وضعٍ اقتصاديّ مقلق، ولذلك نطرح الطريقة الثانية عبر إدارة الأزمة بالطريقة التي ستعمل عليها الحكومة في القطاع العام مع بعض الاختلافات. هنا يشرح وزير العمل: "سنقوم باعتماد بدل نقل موحّداً، وهو نفس الذي ستعتمده الحكومة في القطاع العام. كما اتفقنا على تحسين البدلات المتعلّقة بالمنح المدرسيّة، فبعد أن كانت تبلغ القيمة 400 ألفاً للتلاميذ في المدارس الرسميّة و750 ألفاً للتلاميذ في المدارس الخاصة، ستُصبح مليوناً للرسمي ومليونين للخاص. أضف إلى ذلك أنّه سيتمّ الاتفاق على مبلغ مقطوع. وقد تقدّمت بطرحٍ أعتقد أنّه أفضل الممكن. وهذا الطرح قائم على إعطاء مبلغ مقطوع بسقف محدّد لـ 70 إلى 80 في المئة من العمّال الذين يتقاضون هامشاً معيّناً من الرواتب غير المرتفعة، لتُصبح متوسطة. وبرأيي سيزيد ذلك القدرة الشرائية من دون أن يؤدي إلى تضخّم اقتصادي".
ويرى أنّه، "يمكن أن يسمي البعض هذه الإجراءات بـ"الترقيع"، ولكنني أحاول الاستجابة للعامل ومطالبه مع الحفاظ على صاحب العمل".
هذا في ما يخصّ الزيادات، أمّا في ما يخصّ بدء تطبيقها ومدّتها، فيقول بيرم: "لا أعتقد أن إقرار هذه الزيادات المؤقتة سيأخذ الكثير من الوقت، لأنّه عند طرحها في لجنة المؤشّر والتوافق عليها سنتوجّه بها فوراً إلى الحكومة". ولكن الحكومة لا تنعقد نسأل الوزير، فيُجيب: "لا بدّ للحكومة أن تعود للانعقاد، فنحن في أزمة ولا يمكن أن نزيد الأمور تعقيداً".
وعن المدّة التي سيتمّ خلالها إعطاء هذه الزيادات، يشدّد بيرم على أنّ، "هذا الأمر يحتاج إلى دراسة، ويجب الاتفاق على هذه المدّة، ولا أعتقد أنّها ستكون أقلّ من 6 أشهر". ويختم: "أنا أعوّل على الجلسة المقبلة للجنة المؤشر".
كلّ ذلك يبقى معلّقاً وحبراً على ورق إلى حين انعقاد الحكومة، وهنا تعود الحسابات السياسية لتتلاعب بلقمة عيش المواطن.