Advertise here

قل للمليحة إنّ مادحك قد ترجّل

05 تشرين الثاني 2021 12:39:10 - آخر تحديث: 05 تشرين الثاني 2021 13:45:00

قل للمليحة، و"لربة الوجه الصبوح"، إن مادحك قد ترجّل، واستحق وقت ارتداء الخمار الأسود!..

رحمة الله على صباح الدين أبو قوس "صباح فخري، الفنان العربي السوري الاستثنائي، سيّد القدود الحلبية، آسر الحضور على مسارح الطرب، والفن الأصيل. رحم الله آخر عمالقة ناصية الحرف، وحلاوة القول، وانتزاع آه الذكريات على وقع التماهي مع لحن يلتصق بالروح ولا يفارقها.

 رحمة الله على من استطاع استقطاب الجماهير "السمّيعة"، التي كانت تردد بمعيته تفاصيل التفاصيل للكلمة واللحن، ليُحملوا على أجنحة الأسطورة، وحكاية الحب التي لم تكتمل بعد.
 
"عيشةٌ لا ( فخري فيها) جدولٌ لا ماء فيه!" فمن مثله يغني لعشر ساعات متتالية على المسرح كاسراً رقم الصمود أمام الجماهير. كان ذلك في مدينة كاراكاس الفنزولية عام 1968. ومَن على شاكلته غنّى بهذا الصوت النظيف، الواثق، الملتصق بمعالم الشام القديمة وحلب الشهباء، فكان العابر لحدود الإبداع، الملتصق بحدود وطنه الذي سمّاه عضواً في مجلس شعبه، ومنحه وسام الاستحقاق الدستوري. وهو الذي جسّر موهبته، ليقف أمام ألمع النجوم العرب في التمثيل والغناء، وهو نقيب الفنانين في سوريا لأكثر من مرة، وعضو في  اتحادات ولجان طبعت خريطة الفن بثقل ورصانة وتميّز.
 
من مثله التصق حماسةً بالغناء برقص "حنجلي". أدار جسده وخطواته المدروسة برقي، وأدار معه انبهار الجمهور الذي لا زال يذكر، "ربة الوجه الصبوح"، و"خمرة الحب اسقنيها"، كعلامات فارقة في تاريخ عملاق، يعلم أن الطرب صنعة، وأن الثقل صنعة، وأن احترام الجماهير صنعة لا يجيدها إلّا من عُجن بعشق الموسيقى العربية، وبتراب الشهباء القابعة على شموخ التاريخ العربي.
كان الثاني من أيار عام  1933، يوم ولادة أشهر الفنانين السوريين الذين حافظوا على الموسيقى العربية بعد أن درسوها بعمق وعشق، ووظفوها في خدمة "ربع النوتة" العربية، فصدح صوته الهدّار في كل أصقاع الدنيا، وكرّمه الرئيس السوري بشار الأسد، والتونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، والراحل السلطان قابوس، فضلاً عن عشرات التقديرات والأوسمة التي استحقها عن جدارة واقتدار. 

 ندرك أنّه لم يعد بوسعك أيّها الراحل الكبير أن، "تبعث جواب وتطمنّا"، لكن إرثك الموسيقي الغني، سيبقى الكنز والمدرسة، و"القد المياس"، والحالة التي لن تتكرر. وسيبقى كل من عاصرك وأحبك وفياً لهذا العروبي، الشرقي، "شادي الألحان" الذي سيطول مطاله، عن الشام جسداً، لكن روح موسيقاه ستبقى تشيع في الأرجاء نفحات أمل ورجاء وتجدّد، على مساحات الفضاء الغنائي العربي الذي أخذ على عاتقه حراسة بوابة الأصالة والرقي.  

"سكابا يا دموع العين" .. الوداع... يا فخر الصباحات  العربية.. 

وداعاً...صباح فخري.

*كاتبة واعلامية لبنانية في الأردن

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".