موسم الإنفلونزا وأمراض البرد بدأ. وعلى الرغم من مرور حوالي السنتين على بدء تفشّي فيروس كورونا، إلّا أنّه ما زال يلاحقنا ولسنا بمنأى عنه، حتّى مع تلقّي اللقاح. ولكنّ الأمر المفاجئ أنّ الخطر هذا الشتاء مضاعف، فما السبب؟
يؤكّد عضو "اللجنة العلمية والفنية في وزارة الصحة للسماح بالاستخدام الطارئ للقاحات"، الدكتور نزيه بو شاهين، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة، أنّه "مع اقتراب الشتاء نحن أمام خطر موسم الإنفلونزا الذي تتشابه أعراضه مع أعراض كورونا، وبسبب التشابه الكبير قد لا يستطيع البعض تحديد نوع الإصابة. ولذلك أوصت الدراسات أنّه يمكن للأشخاص أخذ لقاح كورونا ولقاح الانفلونزا في الوقت عينه".
"هذا الخطر يُضاف إليه بدء انتشار متحوّر دلتا+ بشكلٍ أكبر"، يضيف بو شاهين، ويقول: "يجب أن نكون حذرين أكثر من السابق، خصوصاً وأنّنا في لبنان نعاني اليوم استشفائيًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى مع فقدان بعض الأدوية والمستلزمات الطبية. ومع تردّي الأوضاع الاقتصادية تصبح الوقاية الحلّ الأذكى".
ولكن، بعد الحملات الكثيرة لتلقي اللقاح والتأكيد المتكرّر على أهميّته، هل وصلنا إلى المناعة المجتمعيّة في لبنان؟
يُجيب بو شاهين: "لا يمكن القول إنّنا وصلنا إلى مناعة القطيع، لأنّ الدراسات تؤكّد أنّه للوصول إلى المناعة المجتمعيّة يجب أن تكون النسبة 80 في المئة وما فوق، ولذلك لا نزال متأخرين في لبنان عن الوصول إليها". ويفنّد بالأرقام المسجّلين لأخذ اللقاح، قائلاً: "عدد المسجّلين أصبح حوالي مليونين و890 ألف شخص، أي أنّ 52 في المئة مسجّلون لأخذ اللقاح، ومن حصلوا على الجرعة الأولى نسبتهم 33،5 في المئة، أمّا من حصلوا على الجرعة الثانية فنسبتهم تصل إلى 29،4 في المئة". ويعلّق: "برأيي نسبة من حصلوا على الجرعة الأولى، ونسبة من تلقّوا الجرعتين مرتفعة نوعاً ما، وهي جيّدة حتى الآن بالمقارنة مع العديد من الدول الأخرى". هنا، يلفت بو شاهين إلى أنّه، "من المهمّ الإشارة إلى أنّ اكتساب المناعة جرّاء الإصابة بكورونا لا يعوّض عن تلقّي اللقاحات المضادة للفيروس".
وتكمن أهمية اللقاحات في أنّها تجنّب المصابين الحالات الشديدة من الإصابة رغم أنّها قد لا تحمي بشكلٍ نهائي منها، ولذلك يلفت بو شاهين إلى أنّ، "نسبة غير الملقّحين في العناية الفائقة كبيرة، طبعاً لأنّ لا مناعة لدى هؤلاء، فعدم تلقّيهم اللقاح يعرّضهم لعوارض أكثر خطورة تستدعي دخول المستشفى. وحوالي 85 في المئة ممّن هم في العناية هم من الأشخاص الذين لم يتلقّوا اللقاح".
ماذا عن الجرعة الثالثة من اللقاح؟ يقول بو شاهين إنّ هذه الجرعة التي تُسمّى أيضاً بـ"التنشيطيّة" من المفترض أن يبدأ العمل بها مطلع الأسبوع. و"كمرحلة أولى ستكون لثلاث فئات هي الطواقم الطبية في الخطوط الأمامية، الكبار في السنّ الذين يعانون من أمراض أخرى، ومن لديهم أمراضاً مناعية وسرطانية".
إذاً، تبقى الوقاية خيرٌ من ألف علاج في بلدٍ بات الإستشفاء فيه ترفاً.