Advertise here

رجعت "حليمة"..!

23 تشرين الأول 2021 09:08:16 - آخر تحديث: 23 تشرين الأول 2021 09:08:17

عادة تعطيل المؤسّسات الدستوريّة وشلّ الحكومات عادة سيئة، لا تناقض الدستور والقوانين والمواثيق والأعراف فحسب، بل أيضاً تنافي الأخلاق السياسيّة التي أصبحت مفقودة في لبنان منذ زمن بعيد. أن تُرتهن مصالح الناس وتُستثمر مآسيها من دون أي حسابٍ لمعاناتها الاجتماعيّة والمعيشيّة، فهذه قمّة الالتزام بقضاياهم وهمومهم ومشاكلهم!

تتطلّب طبيعة التركيبة اللبنانيّة المعقّدة بناء تفاهماتٍ بين القوى السياسيّة المختلفة وهذا معروف بعدما كُتب الفشل لمحاولات العزل والإلغاء والتهميش والإقصاء من أطراف بحق أطراف أخرى على مرّ السنوات من دون نتيجة. وفائض القوّة دار دورته على مختلف الطوائف والأحزاب وفي نهاية المطاف تبيّن أن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر. لكن المهم أن نتعلم هذا الدرس مجدداً من دون سفك للدماء.

المشكلة الأساسيّة هي أن ثمّة قوى لا مشكلة لديها في اختطاف المؤسّسات الدستوريّة ومنعها من ممارسة مسؤوليّاتها الجسيمة في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة من تاريخ لبنان وذلك بهدف تحقيق مآربها الخاصة ومصالحها الفئويّة التي تتناقض بشكل حتمي وطبيعي مع المصلحة الوطنيّة العليا.

بمعزل عن القراءات المتناقضة لأحداث الطيونة في الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر والاتهامات المتبادلة التي صدرت بعد وقوعها، ثمّة وقائع لا يمكن طمسها وهي التي يُفترض أن يؤدي التحقيق إلى إماطة اللثام عنها وكشف جميع ملابساتها.

إن الربط العضوي بين تحقيق انفجار مرفأ بيروت والملف المستجد في أحداث الطيونة مع تعطيل العمل الحكومي من شأنه أن يفاقم الأزمات المعيشيّة والماليّة والنقديّة وهو ما يتكرّس يوميّاً من خلال الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات والسلع الغذائيّة وسائر البضائع المكدسة في الأسواق والتي لم يعد هناك من قدرات شرائيّة لدى المواطنين اللبنانيين لابتياعها.

من هنا، تبرز الحاجة إلى فصل المسار القضائي عن المسار الحكومي رأفة بالمواطنين الذين انتظروا أكثر من سنة لكي تتألف الحكومة وتباشر الخطوات الإصلاحيّة التي هي، للتذكير، المدخل الحتمي لبدء خطوات التعافي الاقتصادي ولاستعادة الثقة الخارجيّة تدريجيّاً لا سيّما من هيئات التمويل الدوليّة والصناديق والجهات المانحة ذلك أنّه من دون مساعدتها بضخ أموال لتمويل مشاريع في غاية الأهميّة للنهوض من الكبوة الحاليّة سيتجه الوضع نحو المزيد من التأزم والانهيار في مختلف القطاعات وقد بدأت تباشير ذلك بالظهور منذ أشهر وهي آخذة في التوسع.

إن الامعان في تكريس التشابك بين صلاحيّات المؤسسات الدستوريّة وتداخلها يعرّضها جميعها إلى التعثر في عملها ودورها، وهو ما ينعكس بدوره على المواطنين وعلى الوضع العام في البلاد الذي لا تنقصه المشاكل من كل حدبٍ وصوب.

فلتعد كل القوى السياسيّة إلى قواعدها الأساسيّة سالمة، ففي ذلك يُحفظ السلم الأهلي والاستقرار الداخلي وتتجه الأمور تدريجيّاً نحو العلاج في الأطر المؤسساتيّة تحت مظلة الدولة. فلنخرج من لعنة ضعف الدولة، ففي ذلك مصلحة للقوي قبل الضعيف، ألم يحن الوقت لذلك؟