Advertise here

إنتخابات "جمهوريّة الفقراء": بِكَم الصوت؟

23 تشرين الأول 2021 07:45:47

سُئل أحد الدبلوماسيين منذ أشهر، قبل تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، "كيف سيتمكّن اللبنانيون من الصمود؟"، فكان الجواب: "سنرسل إليكم مساعدات غذائية".

في شهر آذار 2021، صدر عن منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" تقرير تعلن فيه ان "20 دولة في العالم مهدّدة بالجوع، من بينها لبنان".

كل التقارير والاحصاءات المحلية تشير الى أن 70 في المئة من الأسر في لبنان باتت تعتبر من العائلات الفقيرة والتي تحتاج الى الدعم. غابت الطبقة الوسطى تماماً وبات المجتمع ينقسم بين فئتي الأغنياء والفقراء، وشريحة ضئيلة جداً تكافح على هامش الفقر لتبقى على قيد الحياة والكرامة.

البطاقة التمويلية تم الاعلان عنها في مؤتمر صحافي رسمي قبيل تشكيل الحكومة وجرى إطلاق المنصة الخاصة بها، لتعود الى جارور الانتظار واقفال المنصة الى حين ظهور حقيقة النوايا المبيّتة، في حين أن الحقيقة الوحيدة هي أن أي عائلة لبنانية باتت تحتاج الى ما لا يقلّ عن 5 ملايين ليرة كحد أدنى شهرياً، فيما الحد الأدنى القائم لا يكفي لصفيحتي بنزين.

ورغم هذا المشهد، تصدر البيانات الدولية لتطالب وتشدد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ومن دون أي تأجيل. ولكن الأهم في هذه التصريحات اشتراط أن تكون شفافة ونزيهة.

ولكن هل يحق السؤال عن أي شفافية للانتخابات يتحدثون والشعب بات في عداد الشعوب الجائعة؟ وكيف يمكن لمَن سُلب كرامة العيش الكريم أن يمارس حقه في الانتخابات بحريّة وعلى قاعدة اختيار الأفضل والمشروع والبرنامج لا الفاسد و"مين بيدفع أكثر"؟ 

أي ضمانة لإجراء هذه الانتخابات بروح التغيير المطلوب دولياً وبشفافية، فيما 70 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر ويعجزون عن تأمين رغيف الخبز وحبة الدواء وفاتورة الاستشفاء وفاتورة المولّد ونقل أبنائهم الى المدارس؟
أي ضمانة للمجتمع الدولي بألا يكون ثمن صوت اللبناني الفقير في الانتخابات المنشودة "كرتونة إعاشة" و"برميل مازوت" و"بون بنزين" و"فرق استشفاء" وبأحسن الأحوال دولار "فريش" على السوق السوداء؟

فعلاً لا بد من الاجابة عن هذا السؤال قبل فائض الحماس لانتخابات "البطون الخاوية" و"الجيوب الفارغة"، والتي لن تأتي إلا بنواب هم صورة طبق الأصل عن ثمار نزاعاتنا المذهبية والطائفية في بعض الدوائر وعن ثمار الفقر المخيف في دوائر أخرى.

يقول كارل ماركس إن التحرّر يجب أن يسبق دائماً الحرية، فالانسان المرتهَن في لقمة عيشه لا يمكنه أن يكون حرّاً في خياراته السياسية والديمقراطية.

انتخابات 2022 قد تكون أسوأ الإستحقاقات الإنتخابية التي شهدها لبنان، فبين حكم الوصاية وحكم السلاح... يبقى حكم الفقر هو الطاغية الأخطر.